مقالات
أخر الموضوعات

فنجان قهوة

بقلم: رواء حسن

تفكير مستمر في الأشياء الماضية والحالية والمستقبل الذي ينتظرنا، تفكير في حالنا الآن وما نحن عليه تفكير في كيفية الوصول إلى شيء تحبه وتجد نفسك فيه وتفكر فى الأمور التى من المفروض أن تقوم بها وما هو المطلوب منك، تُفكر فى الأشياء التى تجعل منك شخص متحمساً ونشطاً ثم تُدرك بمرور الوقت بأنك اُصبت بحالة من الفتور والملل، فتور من كل شيء وانعدام الرغبة فى فعل أي شيء حتى أبسط الأمور.. هذا ما نُصاب به جميعاً بين فترة وأخرى وهذا ما يسمى “Over thinking” سيل من الأفكار والأسئلة تدور داخل عقلك على مدار اليوم بين التفكير فى الماضى والحاضر والمستقبل وما إذا كان الطريق الذى تسير فيه صحيحاً أم بحاجة إلى تصحيح مسار.. هل عليك إكماله والتقدم فيه أم تأخذ خطوات أخرى فى طريق آخر؟.. هل حان وقت التغيير وهل لديك الجرأة لفعل ذلك وهل نملك نحن الوعى الكافي والخبرة الكبيرة لأخذ قرار التغيير أم لا؟.

إن الوعي مهما بلغ تأثيره وزاد الانتباه فإن مصير الأمور لا تقف ثابتة وربما لم يكفينا وعيُنا ولا خبراتنا لننتبه لما يجرى من حولنا، وما أصعب الحيرة التى نكون فيها بين اختيارين أحدهما الثبات والاستمرار على ما نحن عليه رغم الروتين وعدم الرغبة وانعدام الشغف.. والآخر التغيير والبحث عن الذات وصعوبة اتخاذ القرار والخوف من الفشل وعدم الوصول.

قرار البقاء فى الوظيفة الحكومية ذات الدخل الثابت وبين البدء فى عملك الخاص ومشروعك الشخصي؛ قرار الاستمرار في الكلية التى أَدخلك مجموعك إياها أو تغيير الكلية إلى أخرى ترغب بها ولديك موهبة فيها، قرار الاستمرار مع شريك حياتك أو الانفصال عنه، قرار السفر والبدء من جديد فى مكان وبلد آخر أو الاستكمال فى حياتك كما هي.

ولأن قرار التغيير صعب ومَصيري فأنت تجد نفسك تضج منها وفى حالة تيه وتشتت مُصاب بمساحات من اللوم ولكن من تلوم؟ هل تلوم نفسك على ما فعلته بها أم تلوم الآخرين أم تلوم ظروفك؟ وهل قرار التغيير جاء متأخراً ولكن أتذكر مقولة الروائية ماري شيلى: “بأن ليس هناك ما يؤلم العقل البشرى مثل تغيير كبير ومُفاجئ” لذا اعلم تمام العلم بأن لا راحة لك قبل أن تأخذ خطوة التغيير واعلم أنك على الطريق الصحيح وأن قرار التغيير يتطلب شجاعة كبيرة وعزيمة قوية وتطويع لأني وتهذيب لها “إن الشجاعة تأتي على رأس الصفات البشرية لأنها الصفة التى تضمن كل الصفات الأخرى” كما قال “وينستون تشيرشل”.

سترفض الأمر وتستغربه فى البداية لأن هناك ألم يصاحب التغيير على الرغم من أنك أنت الذي أخذت قرارك وبمحض إرادتك ستستيقظ من نومك وتجلس لتفكر ولكن تفكيرك سيكون مشوش ورؤيتك للأشياء ستكون مُبهمة وضبابية، ستحب وتفضل العزلة والوحدة كي تتجنب لوم الآخرين على التغيير الذى اخترته، ستكون فى حالة من عدم التحكم في مشاعرك يُصيبك الغضب أو الانفعال الزائد على أبسط الأمور والأشياء قد يكون غير مبرر أو غير ملائم مع الموقف الذى تعرضت له ستشعر بطول الطريق ولكن هذا علامة خير وإشارة إيجابية لأنك بمجرد أن ترى طول الطريق هذا يعني بأنك عرفت الوجهة و الهدف، وإن رحلة التغيير تبدأ من تفكيرك وخروجك من منطقة الأمان والراحة وهى المُحببة إلى نفسك وقلبك وتمر بحالة من الفوضى والشعور بالألم والتخبط وتنتهي بك إلى الوصول إلى الاستقرار وشعورك بالرضا عن نفسك والفخر بها وحيث قال الله تعالى “أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” صدق الله العظيم.

وما إن نجحت فى تغيير نفسك للأفضل حتى شعرت بالفخر والإبحار والرضا كأنك كنت صائم ليوم كامل ومررتُ بسفرٍ شاق وتعب شديد وإعياء فأفطرت وأستحقيت فنجان من القهوة فتشعر كأنك ملكت الدنيا وما بها لا ينقصك شيء, ليس هذا فقط بل سيعود على من حولك أيضاً بالإيجاب فأنت ملُهم لهم ومصدر للتفاؤل وللطاقة الإيجابية فتأخذ بأيديهم وترشيدهم للطريق.

إن التغيير ليس بأمر ثابت يحصل مرة واحدة فى العمر بل أمر دائم ومستمر وفقاً للظروف والمعطيات والإمكانيات فجميعنا نسعى لأن نكون أفضل نسخة من أنفسنا فلتكن على استعداد تام للتغيير وعلى الموعد المحدد من فنجان قهوتك المُستحق والمُحبب إليك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق