مقالات
أخر الموضوعات

لما كنا صغيرين

بقلم: رواء حسن

يعتقد من يقرأ العنوان للوهلة الأولى إنني أتحدث عن المسلسل التلفزيوني الذي يحمل نفس الاسم؛ ولكني أتحدث عن طفولتنا التي فقدناها ورحلت، كل منا ينتمي إلي ماضية ويحب العودة إليه وكثيراً قد نتساءل لماذا؟, هل نحن مشتاقون بالفعل للعودة إلى الماضي أم نحن لسنا قادرين على صنع لحظات سعيدة ومبهجة في وقتنا الحاضر؛ أم أن متاعب الحياة وما نعانيه فيها قد أرهقتنا وأبعدتنا عن رؤية شيء جميل في حاضرنا؟, أم إننا أصبحنا منشغلين كثيراً بتوفير المال والحياة الكريمة على حساب صنع سعادتنا.

أتذكر طفولتي ولحظاتي الجميلة وإفطاري البسيط مع العائلة وخاصة يوم الجمعة ها هي أمي قد استيقظت مبكراً وأعدت الكثير على المائدة وانتظرت لكي نستيقظ، ثم نقوم باحتساء كوب من الشاي الذي لا يكمل فطارنا إلا به، كم كانت السعادة تغمرنا حين نضع أرجلنا في الشمس لكي ندفأ في فصل الشتاء, ثم يذهب أبى وأخي إلى صلاة الجمعة، ونستمع نحن إلى الخطبة عبر الفضائية المصرية وما بها من مواعظ دينية تحثنا على فهم ديننا، وَمِنْ بعدها نستمع إلى برنامجنا المفضل “عالم الحيوان” وذلك بعد أن نسمع أحاديث الشعراوي وما أدراك من هو وكيف سخر الله الناس و جعل قَبُولاً وحباً وسكينة في قلوبهم عندما يستمعون إلي الشعراوي.

أتذكر يوم الخميس؛ يوم النزهة بعد إرهاق كامل دام لمدة أسبوع في الدراسة والمدرسة؛ نذهب في هذا اليوم إلى زيارات عائلية فهو يوم الخروج المقدس، فإذا لم نقم بالخروج فلا نشعر أبداً بأنه مر علينا يوم الخميس, أما الآن هل غابت صلة الرحم فذهبت البركة عنا أم نحن من يجد لنفسه حجج انشغاله الدائم!, أم كانت الحياة أبسط بكثير مما هي عليه الآن أم نحن كبرنا فلم نعد نرى بساطتها؟.

أتذكر أيضا النادي الصيفي لاسيما في إجازات آخر العام نذهب إليه أنا وأختي لنستمتع كثيراً هناك، إذ نتعلم بعض الدروس الدينية ونحفظ بعض السور القرآنية ونعرف كيف نصنع بعض الأشغال اليدوية كالكروشية؛ ونصنع رسومات من الجرانيت أو نَشغل قلائد وأساور من الخرز وإذ أوشك النادي الصيفي على الإنتهاء كانت المكافأة بذهابنا إلى رحلة بالعَبارة النهرية أو زيارة بعض الأماكن الأثرية فهكذا نتعلم ونفرغ بعض الطاقات, أما الآن فهل نحن نحتاج إلى النادي الصيفي لكي نفرغ طاقاتنا أم بحاجة إلى من يستمع إلينا بعناية ويُحدثنا عن آمالنا وأحلامنا؛ هل نشتاق إلى من يمدحنا ويمدح أفعالنا إذا ما أصبنا ويُقومنا إذا أخطأنا أم نحن لم نعد قادرين على صنع بهجتنا كم كنّا سعداء فيما مضى!, هكذا نظن أم مفهوم السعادة هو الذي تغير عندما كبرنا. 

لا أستطيع أن أنسي التلفاز وما يعرضه لنا من بعض النماذج التي يمكن أن نقتدي بها؛ و تعلمنا كم الحب والإخلاص والترابط العائلي من لاسيما من مسلسل “يوميات ونيس” الذي يعطينا نماذج و مواقف كوميدية تُعلمنا بشكل غير مباشر وتختزن في الذاكرة داخل عقلنا الباطن نَستدعيها إذا ما وَضْعنَا في موقفاً ما؛ فهل يوجد ما نتعلم منه الآن؟, وهل كنّا نري الأشياء بشكل مختلف أم لم نعد نرى غير الأشياء القبيحة, لذا كثيراً ما يجول في خاطري هل أصبحنا مصابين جميعاً بـ”Nostalgia” و هو الحنين إلى الماضي أم نحن لم نجد ما يستحق أن نتذكره ونصنع منه ذكريات في وقتنا الحاضر, لذلك ما علينا جميعاً سوي أن نخلق لأنفسنا أوقات ذات قيمة مع أحبابنا وأصدقائنا في وقتنا الحالي تَستحق بأن نرويها في مستقبلنا. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫8 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق