مقالات
أخر الموضوعات

رحمة الله

بقلم: أية سمير

ستصل إليك رحمة الله في أكثر الأوقات التي قد يتخلى عنك فيها  الكثيرون، سيخرج لك الله من قلب اليأس أملًا، ومخرجًا لم تكن تتوقعه، سيأتي إليك فرج من الله؛ ليبشرك  بغدٍ قادم، ويفتح لك بابًا كنت تظنه من شدة اليأس أنه كان مستحيلًا، وسيأتي إليك الغد رغم كل الصعاب، ورغم كل شيء يقف ضدك في هذا العالم.

الآن تدركون جملة الراحمون يرحمهم الله، إن حقًا الراحمون لا ينساهم الله أبدًا من فضله ورحمته، وحده الله قادر على خلق المعجزات، سترى بنفسك نبتة رحمتك التي زرعتها يومًا في رزق يأتيك لم تكن تتوقعه، وسلامًا دائمًا داخل نفسك، تلك الرحمة التي تكون بمثابة طوق النجاة من محنة كنت فيها واخرجك الله منها بسبب صدقة قدمتها يومًا، أو ابتسامة قدمتها لعابر سبيل، أو ذكرًا وعبادة داومت عليها، أو دينًا قضيته عن مكروب، فالله لا ينسى أبدًا رحمتك بكل مستضعف في الأرض، سيؤتيك من الخير أضعاف ما قدمته، وستدرك حينها أن التجارة مع الله دومًا رابحة، ستستشعر حينها برحمة ورأفة الله بك في أوقات حاجتك، وبأن الخير الذي تقدمه يومًا يرد إليك أضعاف أضعاف ما قدمته.

تحكى أحداهم  عن مرورها بفترة هامة في حياتها لحظة انتظارها لنتيجة التنسيق في الكلية التي ترغب بها، وكانت في ذلك الوقت تملك أملًا ضعيفًا، حيث أنها متأخرة بدرجة ونصف، ولكنها فوجئت بنتيجة قبولها في تلك الكلية، وتذكرت في غمرة سعادتها حينما تصدقت تلك الليلة السابقة بكل ما تملكه، واحتسبت ذلك لوجه الله، وأتاها الرد في اليوم التالي نتاج ما قد قدمته.

وأحداً آخر يحكي عن أحلى أيامه حينما كان على وشك أن يفقد تجارته، ولم يكن يملك بحوزته  سوى ألفان جنيه فقط، وعشرات الآلاف من الديون المتراكمة عليه، وقتها ذهب إلى المسجد ليصلي ويدعو الله ليخرجه من مأزقه، فوجد عاملًا يدعو الله قد سمع مناجاته يبكي أن يقضي الله حاجته في دفع الإيجار حتى لا يطرد من السكن، لم يتردد لحظة، وأخرج له كل النقود التي يحملها، ليتفاجأ بعد خروجه من باب المسجد بأحد أصدقائه القدامى الذي كان قد اقترض منه مبلغًا من المال منذ أكثر من عشر سنوات، والآن جاء ليرد كل ذلك المال، والذي استطاع ذلك التاجر فيما بعد، ليس أن يسدد أمواله فقط، بل ليوسع تجارته ويوسع له الله رزقًا لم يكن يتوقعه.

قصة آخري تحكى عن يوماً لن تنساه أبدًا ذلك اليوم الذي كادت أن تفقد فيه والدتها، وذهبت فورا إلى المستشفى، وطلبوا حينها أكياسًا من الدم، كانت فصيلتها  نادرة، وكانت على وشك أن تفقدها، وفجأة أتى شاب لا تعرفه يطلب التبرع بنفس الفصيلة، وتم إنقاذ والدتها حينها في اللحظات الأخيرة، تذكرت هذه الشابة في تلك اللحظة، أنها منذ أسابيع حينما أحضرت تلك القطة المصابة واعتنت بها، واحتفظت بها في منزلها، أدركت حينها بأن رحمة الله لوالدتها كان بسبب تلك القطة.

كل تلك القصص ذكرتني أنا شخصيًا بمحنة شديدة قد وقعت فيها، وكان كل شيء أمامي ينهار، ولم أكن أجد أى مخرج مما أنا فيه، لم أكن أملك من الأمر شيئًا، وقتها داومت على ذكر سيدنا يونس في بطن الحوت، وأنا على يقين تام بأن الله سيرفع عني ذلك الأذى، وبالفعل جعل الله مخرجًا من تلك المحنة، ومنذ ذلك اليوم وأنا استشعر رحمة الله بكل شيء من حولي، وأعلم أنها قريبة جدًا منا، ومن كل من يقدم أى نوع من أنواع الرحمة.

إن الراحمون يرحمهم الله، الله لا ينسى أبدًا تلك الابتسامة، أو ذلك الذكر أو الود الذي تداوم عليه، لا ينسى أبدًا رحمتك بنفسك حينما تراجعت عن فعل ذنب، لا ينسى أبدًا دينًا قضيته عن شخص آخر، أو صدقة كانت سببًا في فتح أبواب الخير، والرحمة، والرزق، وأصبحت سببًا في نجاتك رغم كل الظروف ورغم كل الصعاب، ورغم تآمر كل الكون من حولك.

فلتتمسكوا بتلك الرحمة داخل قلوبكم، حتى تأتيكم رحمة الله، تمسكوا بذلك اليقين برحمة الله، وبذلك القلب النقي الذي يحتفظ  بالخير دومًا، ذلك الخير الذي سيكون سببًا في نجاتكم يومًا ما، وسيفتح لكم الله أبواب الأمل والفرج من كل مكان، ومن حيث لا تحتسبوا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق