هو وهي
أخر الموضوعات

“الاحتضان في مصر”.. مبادرة هدفها احتضان الأطفال بدلًا من دار الأيتام

الحاضنات من الأنسات والمتزوجات: من حق كل طفل يتيم أن يكون له بيت وأسرة يعيش فيها

تقرير: ولاء إبراهيم

تزدحم وسائل التواصل الاجتماعي بالعديد من الأفكار غير الهادفة، إنما من بين هذا الزحام  وجدنا مبادرة إنسانية علي السوشيال ميديا تتجلي فيها معاني الرحمة والإنسانية، وتذكرنا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة”، وأشار بإصبعيه: السبابة والوسطي”؛ حيث شكل فريق المبادرة جروب علي الفيس بوك بعنوان “الاحتضان في مصر”؛  وذلك لتأسيس الفكرة المجتمعية عن  كفالة اليتيم؛ حيث عبَّر الجروب عن مدي التفاعل، ودعم الفكرة  بشكل كبير، فمن قاموا بالاحتضان ليس فقط أشخاص حُرموا من الإنجاب، بل أيضًا أشخاص لديهم أبناء من الإناث والذكور، واحتضنوا طفلًا في بيتهم، وأصبح أخًا أو أختًا لأبنائهم.

تقول “يمني دحروج”, مؤسسة المبادرة: “أنا متزوجة، وفكرت في المبادرة من لحظة احتضاني لابنتي “ليلي”، وشعرت معها بإحساس الأمومة، فسألت نفسي لماذا لا تكون فكرة عامة، وكل طفل يتيم يكون لديه بيت، فكونت فريق عمل تطوعي، وأسست مبادرة “الاحتضان في مصر” في ديسمبر ٢٠١٨ (تعمل تحت رعاية وزارة التضامن الاجتماعي)، وحاليًا المؤسسة تحت الإنشاء؛ لنشر مفهوم الكفالة في العالم العربي، ومصر بالأخص؛ لتصحيح مفاهيم خاطئة بهذا الموضوع،  وننشر معنى الكفالة؛ لتقديم الدعم لكل إنسان يفكر فى كفالة طفل طبقًا للشروط الإسلامية، ونتطلعهم على الإجراءات المطلوبة”.

وأضافت مؤسسة المبادرة قائلة: “بدأت رحلتي من ثالث يوم لكفالتي لابنتي، وهي بعمر 4 شهور، واستمر حتى الآن؛ حيث تم تطوير الاحتضان في مصر من مجرد صفحة علي السوشيال ميديا إلي كيان كامل أي إلى مؤسسة تحت الإنشاء فيها أكتر من ٢٠ فردًا يعملون بالمجهود الذاتي والتطوعي، وبشكل مؤسسي، ومنظم لخدمة كل أسرة، وكل طفل، ومساعدتهم، وتقديم الخدمات والورش والدورات التدريبية والدعم بمختلف أنواعه، وأيضًا تم إنتاج مجموعة قصصية تضم 4 قصص تم طبعهم وتوزيعهم للأطفال تتكلم عن الكفالة والاحتضان بعنوان (عائلة للأبد)”.

وتابعت “دحروج” قائلة: “كذلك من الخدمات التي نقدمها  للأسر المحتضنة مبادرة الإرضاع، وفيها نوفير استشارات طبية عن برتوكول الإرضاع بالتعاون مع الأطباء المختصين بجانب الدعم المعنوي للأمهات خلال جروبات دعم مخصصة للإرضاع، كذلك نوفر أجهزة الإرضاع للأمهات، فتم إتمام رضاعة  حوالي ١٥٠ طفلًا، وأيضا يتم التواصل يوميًا مع وزارة التضامن الاجتماعي، ومديريات التضامن؛ لتيسير الأمور، وحل المشاكل إن وجدت، والاستماع لشكاوى الأُسر أو التبليغ بأي أسرة غير أمينة، فالمبادرة حظيت بقبول كبير، فقد وصل متابعو صفحة فيسبوك علي أكثر من ١٠٠ ألف متابع، وجروب الدعم أكثر من ٧٥ ألف عضو، وتم دعم أكثر من ٢٠٠٠ أسرة كافلة من حيث الدورات التدربيية أو الاستشارات، فأنا كنت مجرد أُم قررت تغير العالم لابنتها، وحاليًا هدفنا خلق  فئة جديدة في المجتمع، وهم الأُسر الكافلة وأبنائهم, ومن أكثر المواقف المدهشة في المبادرة هي اللهفة الواضحة في صوت الأُسر التي لديهم أبناء تعبر عن اشتياق، وصبر، ومثابرة  على كل شيء؛ لكي يكفلوا طفلًا رغم إنهم عاشوا مشاعر الأمومة والأبوة كاملة، ولكن عندهم مشاعر جميلة لأولادهم المحتضنين، كما إننا عمدنا إلى ما يقرب من 40 بنت غير متزوجة قرت أن تكون أم بالاحتضان أو مقبلة علي الاحتضان”.

يمني دحروج” مؤسسة المبادرة مع ابنتها ليلي بالكفالة

وتقول الدكتوة “هبة مصطفي”, استشاري نسا وتوليد:”أنا غير متزوجة، وكفلت بنت عمرها 8 شهور اسمها “مهادا”  احتضنتها من 4 شهور ونصف، وموضوع الكفالة فكرت فيه من زمن منذ لحظة تخرجي من الجامعة بأن نرعى أنا وأخواتي  طفلًا في البيت، وتبقى الإجراءات باسم والدي ووالدتي؛ لأنه في هذا الوقت الإجراءات القانونية كانت تمنع غير المتزوجات من الكفالة، ولكنهم لم يرحبوا بالفكرة لعدم تفهمهم لها في البداية، فانشغلت بحياتي العملية فترة طويلة، ولكن منذ فترة بدأ يراودني موضوع الكفالة؛ لأني مقتنعة أن أي طفل يحتاج لبيت وأسرة، وعندما علمت بأن القوانين تغيرت، وأصبح يحق لغير المتزوجة أن تكفل طفلًا، فبدأت أعرف أكثر عن الموضوع، والإجراءات، وموضوع الإرضاع، وعملت تحفيز رضاعة، ورضعت مهادا 5 رضعات مشبعات، وبذلك أصبحت ابنتي، أي لو تزوجت، وأنجبت أولادي سيكونون أخواتها، وهذه فتوى شرعية معروفة، وأيضًا أخذت فتوى من دار الإفتاء مباشرة”.

وتتابع “هبة” قائلة: “بدأت أعرف جروب (الاحتضان في مصر)، والورش فيه جعلت الأمور تختلف معي كثيرًا؛ لأني وجدت من خلالهم  إجابات لكل التساؤلات والمخاوف، فجزاهم الله خيرًا علي مجهودهم، فقد جعلهم الله سببًا فى أن يصبح لأطفال كثيرة  بيوت، إلى جانب إحساس الأمومة، فأنا من البداية أفكر في الكفالة ككفالة؛ لأني أرى أننا قادرون ماديًّا وصحيًّا علي أن نرعي طفلًا، واثنين معنا في بيتنا، ويُربي في بيت وأسرة، هذا هو الأساس، وطبعا أهلي كانوا معارضين جدًا؛ لأنهم يفهمون أن الموضوع تبني، وهذا حرام شرعًا، فأفهمتهم الموضوع خطوة بخطوة، وأن هذا كفالة، وليس تبنيًّا، وأني لن أغير اسم الطفل، وأنه بتحفيز الرضاعة أصبحت ابنتي بالرضاعة، فشرعًا ليس حرامًا وجودها في البيت مع والدي أو أخي لو تزوجت، فوالدي تقبل الموضوع جدًا، أما والدتي مثلها مثل كل الأمهات لديها مخاوف؛ لأني غير متزوجة، ولكني لا أفكر في هذه المخاوف؛ لأني مقتنعة أن الزواج رزق، ولو ربنا كتب لي رزقًا لا يمنعه أحد، وربما ربنا يكرمني بشخص متفهم لفكرة الكفالة، ويرزقنا الله بأطفال مع ابنتي،
وحاليًا الحمد لله والدتي متعلقة بابنتي، وتحبها كثيرًا، وتقوم بطلباتها، وأنا في عملي، وابنتي متعلقة بها جداً”.

الدكتورة “هبة مصطفي” مع بنتها “مهادا” بالكفالة

أما الدكتورة “مروة أحمد عباس”, المدرس بجامعة السويس كلية هندسة البترول و التعدين, تحكى لنا عن كفالتها لـ “مؤمن” قائلة: “أنا متزوجة، وأم لـ 3 أبناء بنتين وولد، وبعدهم كفلت مؤمن كان عمره سنة و10شهور، وحاليًا سنتين ونص، وقرار الكفالة أساسه أني أغير حياة طفل طمعًا في ثواب الكفالة، ونوعًا من إحياء النفس، فلما رأيت “مؤمن” هو الذي اختارني، وساعتها نسيت كل شئ، وغلبتني مشاعر الأمومة، وحتى الآن أشعر أنه ابني وأنسي موضوع الكفالة نهائيًّا، والسبب الرئيسي هو أن نعطيه عائلة، وحضنًا، وسندًا، واخترناه ولدًا؛ لأن الأولاد يخرجون من دور الرعاية وعمرهم ١٨ سنة في عز الاحتياج لأب، وأم، وعائلة، وقدوة، وبمجرد ما أخدت الموافقة تابعت مع أخصائية رضاعة طبيعية، وعملت بروتوكول معين، لتحفيز هرمون اللبن و جمعت ٥ رضعات، وسبحان الله مجرد ما كملت الرضعات كان “مؤمن” إجراءاته انتهت، وثاني يوم استلمته وكمل رضعاته كلها وزاد عليها، وأصبح ابني، وأخ لأولادي، فقرار الاحتضان لم يكن قراري وحدي، فأنا و زوجي، وأولادي تكلمنا كثيرًا، وتناقشنا في كل التفاصيل الصعبة قبل العادية إلى أن اقتنعت أننا مهيئون لهذا، فالموضوع ليس سهلًا أبدًا، ويحتاج أن ندعم بعضنا كثيراً، خصوصًا أننا لم نعرف ما رد فعل أهلنا، والناس، ولكن الحمد لله نحن معتادون على عمل الصواب المقتنعون به”.

الدكتورة “مروة أحمد” مع ابنها “مؤمن” بالكفالة

وعن “راحيل محمود”, التى تبلغ من العمر 36 عاماً, ومؤسس وأمين صندوق المؤسسة المصرية للتوظيف والتنمية, تقول: “أنا متزوجة، ولدي ولدين وبنت، وكفلت بنت اسمها “حور”، ففكرة الكفالة بتراودني من زمن، لكن لم يدعم أحد الفكرة، وظلوا يقولون لديكِ ٣ أطفال، لكن أخذت القرار، وكفلت بنت؛ لكي تكون أختًا لابنتي، وبدأت أحضر الورق، وأقوم بالإجراءات، حينها شعرت أن الله يحبني؛ لأنها كانت أسرع حالة كفالة في خلال أقل من شهرين من تقديم الورق كانت ابنتي في حضني، زرت دورًا كثيرة، وكلما ذهبت لدار يحزن قلبي على الأطفال الموجودين، لكن كنت دائمًا أشعر أن واحدة فيهم ابنتي، طبعا كلهم نعمة من ربنا، إلى أن عرفت أن هناك دارًا في بني سويف عندهم بنات سنة ونصف، وهذا هو السن الذي كنت أرغب فيه، ذهبت، واندهشت أن الله ساقني من القاهرة لبني سويف؛ لكي أكون أمًّا لحور، ودخلت وكان معي بسكوت وعصير أوزعه على الأطفال كلهم انشغلوا في الحلويات كأي طفل ولكن هناك طفلة تنظر إلي، ولا تأكل ولا تشرب، لكنها أيضا خائفة مني؛ لأني غريبة عنها، ولأني أحب زوجي جدا، وأحب ما يحبه حبيت حور، واخترتها؛ لأنها جرت عليه، وحضنته، وظلت في حضنه، عرفت أنها اختارت والدها، وقد كان أصبحت حور في بيتنا، زادته جمالًا، وأولادي يحبونها جدًا، بإذن الله عندما تكبر سأساعدها تواجه العالم كله بشجاعة، وبدون كسوف؛ لأنها ليس لها ذنب، وأنا واثقة أن الله سيكرمها؛ لأن بعض الناس قالوا لي:”أنها ستكون مثل أهلها”، لكن ما أعرفه أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، وإن البنت تكون بالتربية التي تربت عليها، هذا غير أني أرى أن ابن الحرام هو الذي يربيه أبوه وأمه من مال حرام، ليس كما يفهم المجتمع؛ لذلك أتمنى أن تتغيير هذه النظرة السلبية، ويكفل الناس الأطفال في بيوتها؛ لأن الأطفال مكانها البيت، وتذكروا أن هذه تجارة مع الله، وثوابها الجنة”.

أبناء “راحيل” في لحظة استلامهم أختهم الجديدة “حور”
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق