هو وهي
أخر الموضوعات

الأغاني الشعبية والمهرجانات: “جامدين ومافيش إلا إحنا”

"راؤول": المهرجانات شيقة, ولكن لابد من انتقاء كلماتها .. و"الجهيني": إنها التطور الحقيقي للغة العربية

تحقيق: مريم بدوي

“إخواتي”, “سالكة”, “بنت الجيران” .. هذه أسماء أغاني يتم سماعها على مدار اليوم وغيرها من الأغاني الشعبية و المهرجانات التى أصبحت فن و نوع من نوعية الأغاني الذي أصبح أغلبيتنا يحبونها و يميلون لسماعها أكثر من الأغاني الرومانسية و الحزينة, وعلي الرغم من أغلبية هذه الأغاني قد تكون كلماتها تتعارض مع عاداتنا أو تكون شبه غير مفهومة إلا أن الجماهير ينجذبون لها ويفضلونها.

الأغاني نوع من أنواع الثقافات وبمعرفة نوعية الأغاني ببلد ما ندرك تراثها و ثقافتها و مدي تقدمها و تطورها, فبسماع أغانينا و مهرجانتنا نري بأن هذه ليست ثقافتنا و أنه تحول مسارها, ولكن البعض الآخر له رأي عكسي لذلك, ولذا قام موقع “لايف ويب” بالتعرف علي بعض الآراء اتجاه هذه الأغاني, وهل تستحق الدعم و الاستمرار أم التوقف التام عن إنشائها و إذاعتها؟!.

تقصص علينا “سارة حسام حسن”, البالغة من العمر 20 عاماً, قائلة: “الأغاني الشعبية بالنسبة لي هي تُراث أحب سماعه ومن أوائل الأغاني التي استمعت إليها كانت “لعبد الباسط حمودة” أذكر وقتها أنني الوحيدة من بين أصدقائي التي كنت أفضل الاستماع إليها بكثرة، كما أننى منذ فترة كنت أشاهد فيلماً وثائقياً يتحدث عن تطور الموسيقى العربية والتي كانت في الأصل من جذور مصرية حيث كان يروي الفيلم بشكل عام عن فرقة “أم كلثوم وعبد الوهاب” وصولاً إلى “سيد درويش” باعتباره “ابن شارع” ومن الطبقة الفقيرة وقد عُرف بملازمته للعود، وفي بداية ظهوره أغلب الأشخاص كانت نظرتهم له أنه شخص شعبي ووصفوه “بالبيئة” نظراً لأنه كان لا يتماشى مع الفن ولا التراث الذي كان يقدم وقتها في الأوبرا، استمروا في التطور بالموسيقى إلى أن وصلو ا”لعدوية” وكان يعتبر المدخل للأغاني الشعبية من بعد “أم كلثوم وعبد الوهاب و عبد الحليم” وصولاً للمهرجانات”.

بنبرة يعتليها الحماس, تري “سارة”: “إن الموسيقى الشعبية تُمثل الطبقة الشعبية فهذا الإيقاع الصاخب متواجد طوال الوقت في حركة الشارع وأصوات المارة والعشوائيات وقرب الأشخاص وغيرهم، وعلى سبيل المثال عندما كنت في مرحلة الثانوية كنت دائماً أستقل “ميكروباص” صباحاً للذهاب إلى الدروس، فكنت ألاحظ بأن سائقه يسيطر عليه الشعور بالنعاس ليقوم وقتها بتشغيل أغنية شعبية ذات إيقاع عالي؛ لتُفيقه من حالة الهذيان المُسيطرة عليه وتساعده على التركيز، لذا فإن الأغاني الشعبية من وجهه نظرى لا ينبغي علينا وصفها “بالبيئة” أو أنها خاصة فقط بمن هم من الطبقة الفقيرة، بل علينا احترام ثقافتهم, لأن هذا نتاج نشأتهم في تلك البيئة فالألفاظ بها تعبر عنهم وتصف حالهم الحقيقي وانتمائهم لها”.

وتختتم قائلة: “أن الأغاني الشعبية تساهم في تغيير الحالة المزاجية للكثير منا وتضيف لهم السعادة، أما بالنسبة للكلمات فأنا مؤمنة من أنه لابد من وجود تنوع لكي يقوم بخدمتنا جميعاً، لأننا ببساطة لا نُشبه بعضنا البعض”.

سارة حسام حسن

من جهة أخرى, يرى “عمرو طارق”, البالغ من العمر 29 عاماً: “إن الأغاني الشعبية من منظور مجتمعي تعد من أكثر أنواع الأغاني التي تُبهج الأشخاص في مجتمتنا العربية فهي تخلق حالة مختلفة وفريدة من نوعها عن غيرها من الأنواع الأخرى، ولكن كلماتها أحياناً قد تكون مبالغ فيها و بها نوع من الوقاحة الصريحة لو تجنبنا هذا الجزء وتم وضع قيود له فلا بأس بها”.

عمرو طارق

أما عن “إيمان عبد المنعم”, البالغة من العمر 25 عاماً, قائلة: “الأغاني الشعبية ليست بالسيئة ولا بالحسنة هي بالنهاية نوع من أنواع الموسيقى ولكل نوع جمهوره، فهي تعتبر ذوق يُناسب فئة معينة من الأشخاص يترجمونه عن طريق موسيقاهم والتي تعبر عنهم وعن حياتهم وتُلامس مشاعرهم وتُصوب البوصلة تجاههم، فأنا مثلاً عند سماعي لأغاني “لمحمد منير” أشعر بأنه أكثر مطرب يُجيد التعبير عني وعن حالتي أي كانت, والموسيقى التي تُصاحب أغانيه تجعلني سعيدة وتخلق لي جواً يُبهجني، فأنا شخصياً أحب سماع الأغاني ذات معنى مثل “حكيم” مثلاً, وجهة نظري به أنه من الأشخاص الذين يقدمون الفن الشعبي بشكل يليق بالمجتمع المتواجد به من حيث الكلمات والموسيقى ويعمل على تقديم عمل يحترم به جمهوره وأغانيه مفهومة وواضحة ليس بها ألفاظ مُبتذلة، على عكس مغنين كُثر متواجدين على الساحة الآن يضعوا كلمتين ليست لهما معني بجانب بعضهما ويقوموا بعدها بتسجيل أغنية تكسر الدنيا, فالأشخاص دائما ما يعطون للفاشل فرصة لنجاحه”.

إيمان عبد المنعم

ويقول “أشرف الشامي”, أستاذ مساعد بجامعة الأهرام الكندية ومدرب إعلامي, بأن الأغنية الشعبية هي لون مثله كمثل أي لون أخرمن الأغانى، كما أنها تخاطب فئة لا بأس بها من المجتمع، فئة ليست بقليل تحبذ الغناء الشعبي وتُقبل عليه وتردده, لذا فإن الأغنية الشعبية فكرتها وبساطتها المتواجدة بها تسمح لها بالدخول لمنطقة معينة من خلال تناولها للموضوعات ببساطة لا تستطيع ألوان أخرى من الغناء  العمل عليها، فهو فن جميل وله مجالاته وله جمهوره الذي يتابعه ويهتم به فينطبق عليه ما ينطبق على الغناء بشكل عام، ولكن مع الأسف في كثير من الأحيان الكلمة أو المعنى لا يكون لها تأثير قوي كاللحن والنغمة والطرب، فالأغاني بشكل عام في الآونة الأخيرة جانب اللغة بها يعد مظلوماً نظراً لبعدهم عن اللغة العربية وعن الذوق اللغوي والذوق العام والمستوى الراقي، وأنا لا أحبذ التعميم ولكن دائما ما يكون هناك الحسن والسئ والكلمة فيها رصينة ولها معنى والتراكيب اللغوية جيدة. 

أشرف الشامي

يُقسم “أحمد حسن راؤول”, الشاعر الغنائى, الأغاني الشعبية إلى قسمين إحداهما شعبي عادي متعارف عليه، والآخر شعبي يُصنفه البعض إلى المهرجانات، فمن وجهة نظره أن هناك بعض من المهرجانات مرفوضة لأنها تحتوي على ألفاظ مُبتذلة وهذا مرفوض تماماً وضرورة تدخل الدولة وتحركها لمنع مثل هذا النوع، ولكن هناك أنواع من المهرجانات شيقة وبسيطة, ولكن مشكلة المهرجانات تكمن في الإيقاع وليس فى الكلمات، فأنا أستطيع كتابة أغاني شعبية ولكن بلوني وطريقتي وانتقائي لكلماتها التي تعبر عني و بالنمط الصحيح الذي آراه أنا، فقد قمت بالعمل مع”حسن شاكوش وعمر كمال” ولكن بطريقتي كأغنية “مصر حكاية، وأغنية 6أكتوبر”, وهذه أغاني وطنية تحمل رسالة ذات هدف ومعنى.

أحمد حسن راؤول

يوثق “عبد الناصر الجهيني”, دكتور النحو والصرف بكلية دار علوم جامعة القاهرة, ومعلم خبير اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم, أن الأغاني الشعبية انقسم فيه علماء اللغة العربية اتجاهها إلى قسمين .. القسم الأول متشدد يرى بأن هذه الأغاني الشعبية هي نوع من الابتذال الذي لا يليق باللغة وهؤلاء وجهة نظرهم تتمثل فى أن كل كلمة عامية تُميتُ كلمةً فصيحةً وتحل محلها وهؤلاء هم علماء اللغة التقليديون، أما القسم الثاني والذى يميل إليه يروا بأن العامية هي التطور الحقيقي للغة العربية، فعندما يتحدث العوام إنما يتحدثون بلغة العرب بأحرف عربية وبكلمات عربية ومن ثم فإن أصحاب هذا الاتجاه يرون أن هذه الأغاني الشعبية ليست ابتذالاً كما يرى أصحاب الإتجاه الأول وليست مُميتة للغة، بل إن مثل هذه الأغاني الشعبية دليل على حيوية اللغة العربية وعلى رأس علماء اللغة الذين كانوا يرون ذلك الدكتور” عبد الصبور شاهين”- رحمه الله- أستاذ علم اللغة بكلية دار العلوم, والأستاذ الدكتور “صلاح فضل” أستاذ اللغة العربية والناقد الأدبي المعروف.

ويرى “الجهيني” بأن هذه الأغاني الشعبية لا شيء فيها طالما أنها لا تحمل ألفاظاً تخدش الحياء أو الذوق العام بل أنها دليل على حياة اللغة العربية التي تعبر عن نبض الشارع المصري، فما اللغة إلا معبر عن أحاسيس أصحابها وأصحاب اللغة وكل من ينطق بها فعندما نقول أصحاب اللغة ليس المقصود بذلك مجرد المثقفين أو علماء اللغة أو شيوخ الأزهر الشريف وإنما المقصود بأهل اللغة كل من نطق اللغة العربية فإذاً الأغاني الشعبية طالما أنها لا تحمل ألفاظا خادشةً طالما أنها تعبر عن واقع طالما أن معانيها هادفة أرى أنها لاشئ فيها، بل إنها دليل قوي على أن لغتنا العربية لغة حية ناطقة تعبر عن الواقع المعيش ولاسيما إذا كانت ألفاظُ هذه الأغاني من المعجم الذي يتحدث به العوام بعيدة كل البعد عن ألفاظاً تخدش الحياء العام.

الدكتور عبد الناصر الجهيني
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق