منوعات
أخر الموضوعات

إقليم الفيوم في العصرين اليوناني والروماني

تقرير: محمد فتحي

عُرف إقليم الفيوم في النصوص المصرية القديمة باسم “با– اليم” أو “البحر” إشارة إلى البحيرة الكبيرة الواقعة في الفيوم والتي تعرف باسم “مر- ور” أي البحر الكبير وموريس في اليونانية، وأصبحت “با– يم” في القطبية “بيوم” و”فيوم” ثم أُضيفت إلى الأخيرة أداة التعريف في العربية لتصبح الفيوم، وتشتهر الفيوم بأنها تضم الكثير من المواقع الأثرية التي ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ وطوال العصر الفرعوني والعصرين اليوناني والروماني ومن أهم هذه المواقع اليونانية الرومانية.. مدينة كرانيس “كوم أوشيم” التى تقع كرانيس إحدى القرى اليونانية الرومانية إلى الشمال من مدينة الفيوم الحالية إلى الشرق من بحيرة قارون والتي تبلغ مساحتها حوالي 750 متر من الشمال إلى الجنوب وحوالي 1050 متر من الشرق إلى الغرب، وقد بدأت أولى أعمال الحفائر بهذه المدينة عام 1895 على يد العالمين “جرنفل وهانت” وبعد ذلك قامت بعثة حفائر جامعة “متشجن” بإجراء أعمال التنقيب عن آثار تلك المنطقة في الفترة فيما بين عامين 1924- 1935 وكذلك بعثة حفائر جامعة القاهرة عام 1970.

قامت البعثتان بالكشف عن المباني الدنيوية بتلك المدينة المتمثلة في المنازل التي لا تزيد عن الطابقين والسوق والحمامات، وكذلك بالكشف عن المباني الدينية المتمثلة في معبدي كرانيس الواقعين إلى الشمال والجنوب منها، هذا إلى جانب العديد من اللقي الأثرية التي استخرجت أثناء عمل البعثات المتمثلة في ورق البردي والعملة والفخار والمسارج وغيرها، وكذلك أشارت أعمال الحفائر بالمدينة إلى تخطيطها الذي هو عبارة عن شارع طولي يقطع المدينة من الشمال إلى الجنوب وعدم وجود شارع عرضي آخر يمتد من الشرق إلى الغرب ولكي تعبر المدينة من هذه الناحية يجب اتباع طريق متعرج يتكون من تقاطع عدة شوارع صغيرة.

ونتيجه للنقص الشديد في المعلومات عن تلك المدينة في العصر الفرعوني، فقد أرجع العلماء نشأة تلك المدينة إلى العصر البطلمي فيشار إلى أنه مع بداية العصر البطلمي وبالتحديد في عصر الملك “بطلميوس الثاني- فيلادلفيوس” نشأت مدينة صغيرة أطلق عليها اسم “كرانيس” استمرت قرابه الستة قرون من الزمان.

 ومع حلول القرن الأول الميلادي ونتيجة للاستقرار الذي ساد البلاد في تلك الفترة التي صاحبت فترة الاحتلال الروماني لمصر والتنظيم الإداري والاقتصادى الذي أقرّه “أغسطس” بمصر؛ نعمت تلك المدينة بشيء من الازدهار إلى أقصاه مع نهاية هذا القرن وبداية القرن الثاني الميلادي، والذي كان من ثماره إنشاء المعبد الجنوبي بتلك المدينة ولكن تعرضت المدينة بعد ذلك وبالتحديد عام 165 م إلى كارثة وباء الطاعون الذي كاد يفنيها عن آخرها، ونجحت المدينة في الصمود وإعادة البناء مرة أخرى ولكن يبدو أن فترات الازدهار تعود لتنئى تلك المدينة فبدأت تحل بها فترات الانحدار إلى أن أصاب المدينة الخراب نتيجة للاهتزاز الشديد الذي حل باقتصادها.

تعتبر مدينه “كرانيس” أهم مراكز عبادة التمساح “سوبك” في الفيوم في هيئات وتسميات مختلفة وأشهرها الاسم “سوخوس” في العصر البطلمي الروماني فشيد لعبادته معبدين يعرفان حاليًا باسم معبد “كرانيس” الشمالي والجنوبي, فبالنسبة للمعبد الشمالي بكرانيس, يتخذ في مخططة العام نموذجًا مبسطًا من المعبد الفرعوني على محور واحد من المدخل حتى قدس الأقداس بامتداد من الجنوب للشمال بطول 35م تقريبًا، ويختلف جذريًا عن مخطط المعابد اليونانية أوالرومانية على الرغم من أنه شُيد أثناء حكم الرومان لمصر.

أما عن المعبد الجنوبي بكرانيس يقع على بعد حوالي 180م من المعبد الشمالي، في الناحية الجنوبية الغربية من مدينة “كرانيس”، والذي شُيد من أجل عبادة المعبودين التمساحين “بيتيسوخوس وبنفيروس”، وهذا المعبد مُقام على محور غربي شرقي بطول 23,50م وعرض 15,70م وارتفاع 2م عن مستوى سطح الأرض والمعبد بأكمله مبني من الحجر الجيري.

مدينة “باخياس- أم الأثل” تقع أطلال هذه المدينة إلى الشرق من بحيرة قارون على بعد حوالي 15كم من مدينة “كرانيس”، وقد نشأت هذه المدينة أوائل القرن الثالث قبل الميلاد, ومن خلال الحفائر عام 1895م تم الكشف عن عدد كبير من المنازل مبنية من الطوب اللبن وعثر على عملات يرجع تاريخها إلى العصريين اليوناني والروماني ومن أهم الآثار التي تم الكشف عنها معبد صغير كرس لعبادة المعبود التمساح في الشكل اليوناني “سوكانوبكنيوس”.

معبد “أم الأثل” وصفه العالمان الإنجليزيان “جرنفل– هانت ” قائلين:”يقع في وسط المدينة معبد صغير كرس لعبادة التمساح سوكانوبكنيوس”, فهو مبني بأكمله من قوالب كبيرة من الطوب اللبن مربعة الشكل, ويرجع تاريخ هذا المعبد إلى الفترة ما بين القرنين الأول والثاني قبل الميلاد, وعن مدينة تبتونيس”أم البريجات” تقع عند الناحية الجنوبية من محافظة الفيوم على بعد حوالي 30كم من مدينة الفيوم العاصمة حاليًا بالقرب من بلدة “تطون”، وهذه المدينة كانت عبارة عن قرية صغيرة تأسست مع بداية الأسرة الثانية والعشرين، ولكنها نمت وازدهرت كمدينة خلال العصرين اليوناني والروماني.

معبد “أم البريجات” وصفه “أنتي” وقت الكشف عام 1931م قائلًا:”يقع مدخل هذا المعبد على الاتجاهات الأصلية للشمال والجنوب وأرضيته مرصوفة بأكملها بالحجر الجيري، والذي يبلغ طوله حوالي 100م ويزين مدخله تماثيل لأبي الهول وعدد من الصروح يتوسطها جوسق من الحجر الجيري يرجع إلى العصر البطلمي”.

كوم ماضي “مدينة ماضي” تقع حاليًا في الصحراء متاخمة للأراضي الزراعية على بعد 35كم جنوب غرب الفيوم بالقرب من بلدة “أبو جندير”، ويرجع الفضل في تأسيسها إلى ملوك الدولة الوسطى, ويرجع تسميتها الحالية إلى مدينة ماضي إلى الوجود العربي في مصر، وجعل علماء الحملة الفرنسية المدينة تابعة لمنطقة “ديونيسياس” الواقعة في أقصى الشمال الغربي لمدينة الفيوم, وبالنسبة لمعبد مدينة ماضي, اختلف الباحثون حول تكريس المعبد لأي من الأرباب فذكر “سليم حسن” أن هياكل الدولة الوسطى كرست لعبادة الثالوث “رننوت” ربة الحصاد والتمساح “سوبك” والمعبود “حور شدت”، بينما يذكر “برناند” أن المعبد بإضافته التي ترجع إلى العصرين البطلمي والروماني كرس لعبادة المعبودين “إيزيس ثيرموثيس” والتمساح “سوكنوبيوس”.

مدينة قصر قارون تقع هذه المدينة جنوب غرب بحيرة قارون وتبعد 30كم تقريبًا عن مدينة الفيوم وهي تابعة لمركز أبشواي وأقدم الشواهد الأثرية ترجع إلى العصر البطلمي في القرن الثالث ق.م، وازدهرت المدينة في العصر الروماني فأصبحت منطقة تجارية لخروج القوافل من وإلى الواحات البحرية, أما عن معبد قصر قارون يُعد هذا المعبد المركز الديني في المدينة ويقع في نهاية الطرف الشمالي منها وهو مكرس لعبادة التمساح “سوبك” ويحمل المعبد اسم المدينة نفسها، وقد وصفه “هيرودوت” على أنه هرم بينما وصفه “استرابون” على أنه ضريح له شكل هرمي مربع، ويبدو أنهما ربطا بين المعبد وهرم “ميدوم” والذي لا يبعد كثيرًا عن منطقة الفيوم من حيث الشكل, فقد مر المعبد في مراحل بنائه بمرحلتين أساسيتين: أولهما في العصر البطلمي وتمثل البنية الأساسية للمعبد المكونة من ثلاث طوابق, وثانيهما في العصر الروماني وتمثل مراحل الإضافة على المعبد ويأخذ المعبد شكل المستطيل بطول إجمالي 36,5م وعرض 19,5م تقريبا وبمحور شرقي غربي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق