مقالات
أخر الموضوعات

قبل أن تأخذ قرارًا بالإنجاب

بقلم: أية سمير

منَّ الله علينا في هذه الدنيا بنعم عديدة، لا عد ولا حصر لها، ومنها نعمة الأطفال, فمعنى أن تكن أبًا أو أن تكوني أمًا لهذا شيء عظيم وحدثا لا ينسى من الذاكرة والقلب، ولكن السؤال هنا هل تستحق أن تكون أبًا أو أن تكوني أمًا؟, لربما تشعر بالاستفزاز من مجرد طرح السؤال ولكن الحكمة هنا, هي أنه مثلما أعطيت لنفسك الحق بالإنجاب لابد أن تعطي الطفل الحق في وجوده في حياتك.

أرجوك لا تقحم طفلًا في حياتك دون أذنه, فلا بد أن تعطي ذلك الطفل كل الحق أن يولد على أرض مسالمة، وأن يتم تنشئته بين أب وأم أسوياء، لا بد أن تخلق له بيئة مؤهلة للعيش الكريم, لذا قبل أن تتخذ قرارك بالإنجاب لا بد أن تتأكد من سلامتك النفسية، وأن تمهد للطفل بيئة رحيمة بطفولته، فالجميع ينجبون بكل سهولة ولكن القليل من يستحق الإنجاب, وهناك العديد من الآباء والأمهات ولكن القليل فقط من يستحق شرف اللقب.

من المنصف أن تتأكد من تخلصك من كل المشاكل الماضية التي تعرضت لها في طفولتك، وكل الأحداث وكل الذكريات الغير مستحبة، التي من شأنها أن تؤثر على الروح البريئة التي تود إنجابها في هذا العالم, وإلا فلا يجب من البداية أن تنتهك سلام هذه الروح، وأن تتحلى عن الفكرة بأكملها, ولنتحدث بإنصاف أكثر، فلا أحد منا يخلوا ماضيه من الأشياء المكدرة، أو الذكريات غير المستحب تذكرها، اطمئن هذا ليس عيبًا على الإطلاق فهذه طبيعة الحياة لا أحد منا كامل، فالكمال لله وحده.

يجب فقط أن نتخطى هذه الذكريات ونبدأ صفحة جديدة بسلام نفسى ووعي, وأن نكون أسوياء هو أقل حقوقنا على أطفالنا، لذا أرجوك كن واعيًا بما يكفي، ولا تذهب لطفلك بندبات  الماضي, فالطفل لا يستحق إلا كل الخير، لذا لا تؤذه دون أن تقصد، ولا تجعله يكره وجوده في هذه الحياه لذا لا ترتكب ذلك الأثم مرة أخرى.

إن أقل حقوق الطفل هو أن يعامل بإنسانية وأن يتواجد بين أسرة محبة واعية، مثقفة، رحيمة بأبنائها، وسوية على قدر كبير من الدفيء والحب والسلام, فأرجوك مرة أخرى لا تقحم أطفالك بمشاكلك الماضية, ولا تخلقوا جيلًا من المرضى النفسيين، فالعالم لا يحتمل  المزيد من البؤس.

إن الأبوة والأمومة من أعظم النعم التي منحها لنا الله -عز وجل- فلا يجب أن نجحد بهذه النعم ونحولها لنقم, فأرجوك لا تتخلى عن سلام، وسكينة، وأمان طفلك، إن طفلك لن يشبه أحد غيرك، وهو يستحق أن يشبه أفضل النماذج، فكن له قدوة وكن له سندًا وقوة، لا تكن عليه, وكن هادئ النفس مطمئنا من أجلك ومن أجل أبناؤك.

نحن نعمر الكون ونبنيه، وإن كنا نفكر في التكاثر فيجب أن يكون ذلك لا للكثرة والعدد ولكن من أجل بناء الأمم ونهوضها، لا لهدمها, كما يجب لحجر الأساس أن يكون قويا بما يكفي؛ لتحمل البناء عاليا، لذا فإن وعيك وأمانتك وحفاظك على سلامك النفسي، وسلوكك وثقافتك، وطريقة تفكيرك هم الأساس الأول والأخير الذي سيصنع طفلًا وسيصنع المجتمع بأكمله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق