مقالات
أخر الموضوعات

وسائل لفقد التواصل

بقلم: ولاء إبراهيم

يطوف الحنين بخيالي عندما تأخذني الذكريات لزمن كانت فيه العادات والترابط يمثلوا فيه أمجاد أيامنا الجميلة .. أيامنا التي تاهت بين المستحدثات التي نعاصرها في عالم العولمة، وهذا الحنين يراود العديد منا  لأن بالرغم من التطور التكنولوجي وتعدد وسائل التواصل  الاجتماعي إلا أنها سلبت منا مذاق إحساس الود والتقدير الذي افتقدناه تدريجيا بدون انتباه في تعاملاتنا الحياتية مع الأهل والأصدقاء والمعارف. 

في أيامنا الحلوة كان اهتمام الناس ببعضهم قائم على الزيارات والمشاركة  في أي مناسبة سواء كانت خير أو مكروه والسؤال بالتليفون لتأدية غرض الاطمئنان، وكانوا الناس يقدروا حضورهم واختفائهم من أمام عيون بعضهم, لكن حاليا انقرض الود والتقدير واختفت معهم الحقوق والواجبات وضاعت الأصول في تعاملاتنا، فقد أصبحت العلاقات والمشاركات الاجتماعية بين البشر على شكل رمز إعجاب على صورة أو رموز تعبيرية أخرى “الايموشن” على حسب الحدث وفي حالة الاهتمام  تكون بكتابة تعليق على المنشور, حتي وصل الأمر لحد التأثير على المحتوي الثقافي لدينا, فسابقا كانت قراءة الكتب  جزء أساسي من أوقاتنا الممتعة التي تعود علينا بالثراء اللغوي والمعرفي ولكن مع كثرة إهدار الوقت على السوشيال ميديا تحول تركيز معظم المجتمع على قراءة الجانب السلبي سواء لما ينشر من فضائح  أو شائعات أو معلومات بدون توثيق، فالواقع المعاصر يجعلني أنظر للماضي وأقول ليت الزمان يعود يوما من ايام كانت بروح ومذاق لن ينساها من نشأ علي  حب العلم  والقيم والاصول. 

فالسوشيال ميديا من فيس بوك وتوتير وانستجرام وغيرهم وسائل دعم ومساعده في التعليم وترسيخ العلاقات الاجتماعية والإنسانية من خلال تبادل الآراء وتقارب وجهات النظر، ولكنها بكل أسف الاستخدام الخاطئ جعلها  تسير عكس الهدف المقصود منها  فتحولت من وسائل تواصل لفقد التواصل. 

 علي الرغم من انه سلاح ذو حدين، ولكن عقل الإنسان هو المتحكم في توجيه ذلك السلاح ولدينا ظاهره تبرهن على أن الخطأ في الأساس نابع من الإنسان وليس من وسائل التواصل ذاتها فقد انتشرت ظاهره عبر منصات التواصل الاجتماعي وهي إفشاء أفراد الأسرة  لخصوصياتهم علي الملأ من مشاكل الأزواج والزوجات والحموات  وسواء كانت تافهه أو دقيقة فنشرها على الصفحات تسبب في مشاكل أكبر لأصحابها، بالإضافة أيضا للتنمر الذي لم يكن له وجود مسبقا ولكن فهمنا الخاطئ للسوشيل ميديا جعلها ظاهره تفرض نفسها علي المجتمع  وأصبحنا كل يوم نسمع ونقرا عن ضحية جديده للتنمر من مختلف الفئات العمرية. 

الأمر هنا يعود للعقول التي لا تصلح لتحمل المسؤوليات و وسائل التواصل مجرد أدوات أظهرت الخلل الفكري،  أما أصحاب الفكر الناضج فهم على وعي كامل بالاستخدام الأمثل لكل ما هو جديد من مستحدثات  العصر، فالقضية ليست في الأساليب الحديثة بقدر ما هي تكمن في الإنسان الذي بسلوكه الفكري  يقرر انحداره أو ارتقائه. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق