مقالات
أخر الموضوعات

أمهات ولكن..

بقلم: إيمان شهاب

“الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها .. أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ”.. هذه الكلمات أعظم ما قيل عن الأم في قصيدة شاعرنا العظيم “حافظ إبراهيم”، ولكن إذا تطرقنا وتعمقنا في معناها سنجد المغزى من هذا البيت الشعري، الكثير من العبارات التي توحي بعظمة ومكانة وقدرة الأم، فإذا نظرنا لأول كلمة ألا وهي “مدرسة”، سنجد أن الشاعر وصف الأم بالمدرسة ومن المتعارف عليه أن المدرسة هي المنشأ الثاني بعد المنزل في تربية وتهيئة الإنسان، خاصة أنه من خلال المدرسة يتم تربية الطفل على الأخلاق؛ لذلك جاءت كلمة التربية قبل التعليم في وزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى أن المدرسة تقوم أيضًا بالتوعية بشكل عام في كافة الأمور الحياتية العلمية منها والعملية، و تنمية مهاراته واكتشافها وتطويرها، كما تقوم المدرسة بتقويم الإنسان إذا انحرف عن الطريق السليم، تُرجعه إلى الطريق الصائب مرة أخرى.

وَصَف “حافظ إبراهيم” الأم بالمدرسة بكل ما تقوم به، وبالتالي فإن وظائف المدرسة العديدة تُنسب إلى الأم على اعتبار أنها تقوم بما تقوم به المدرسة، فكيف لمدرسة كبيرة تشمل العديد من الأشخاص بأدوارهم المختلفة لتكوين شخصية الطفل، تقوم به الأم بمفردها في تربية وتعليم هذا الطفل أيضًا؟، إذن الأم لا تقوم بدورها فقط، بل يتوسع دورها ليشمل دور المدرسة، وما تقوم به المدرسة تأكيدًا على ما تقوم به الأم، فهذه المهام ليست بالأمر السهل لتقوم به إنسانة واحدة؛ لذا فهذا البيت يدل على مدى قدرة وعظمة ما تقوم به الأم بمفردها، وأنها بمثابة شخص لديه قوة خارقة للقيام بأكثر من دور في آن واحد.

لحظة واحدة.. في تكملة البيت يقول الشاعر:” إِذا أَعدَدتَها .. أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ”، أي إذا هُيأت هذه الأم لهذه المسؤولية حينها ستقوم بإعداد شعب كامل، وهنا كناية عن الكثرة فهي قادرة على تربية أجيال وليس شخص واحد، ولكن الشرط الوحيد هو أن تهيأ ويتم إعدادها وتجهيزها لهذه المسؤولية ولهذا الدور العظيم، الذي جزاؤه عند الله ستكون الجنة -أعظم ما خلقه الله- تحت أقدامها.

“أم تركت ابنها الصغير -الذي لا يبلغ من العمر سوى شهور- في المنزل بمفرده حتى تعفنت جثته وتحللت على السرير؛ لأنها غاضبة من زوجها”.. “أم ضربت ابنها حتى الموت”.. “أم تركت ابنها الرضيع في القمامة بالشارع”.. وغيرها من المواقف التي نسمع عنها كل يوم، فهذه الأفعال أصبحنا نسمع عنها أكثر ما نستمع إلى إنجازات الأمهات في تربية أبناءها، فكيف لأم أن تفعل هذه الأمور ويطلق عليها لقب أم؟، و كيف تم تهيئتها بهذا الشكل الخاطئ الذي نتج عنه هذه الأفعال الشنيئة البعيدة كل البعد والبريئة من الدين والإنسانية والعرف؟، وهذا ما كان يقصده “حافظ إبراهيم”، بأن إعداد الأم بمثابة إعداد شعب كامل لأنها بمثابة المدرسة والوطن لأبنائها، فإذا أُعدت على الأخلاق والدين والعرف، أعددت أشخاص أسوياء ومهيئين لتنمية وطنهم وإعمار الكون بما يرضي الله.

ليس الخطأ فقط على الأم، بل على الرجل أيضًا؛ لأن الزوج إذا وجد زوجته تقوم بالتربية الخاطئة لأبنائه يجب عليه أن ينصحها ويوجها للصواب، فهو القائد والأب والراعي والمسؤول عن رعيته بالمنزل، وليس صحيحًا ما يُقال “أن الزوج يعمل والزوجة تُربي الأطفال”، فلن تتحقق التربية الصحيحة ولن تنجح بهذا الشكل؛ لأن كلًا من الأب والأم لهما دور في حياة أبنائهما فلا بد أن يتحدوا سويًا، ويقوم كل منهما بدوره في حياة أبنائه ويؤثر فيها، حينها سيُخرجوا أبناء قدوة لغيرهم وغيرهم يتأثروا فيُربوا أبنائهم، ليصبحوا قدوة أيضًا لغيرهم وهكذا تتوالى الأحداث، فبدلًا من أن ينشغل الآباء والأمهات عن أبنائهم اهتموا بهم وبحياتهم وتربيتهم فإذا كنتم لا تقوموا بذلك فاحذروا.. حياة أبنائكم في خطر يا سادة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق