مقالات
أخر الموضوعات

نور الروح الخفي

بقلم: هاجر البلتاجي

هل للنور أن يُعتم بداخلنا؟! أم أنه حقًا نورٌ خفيٌ لا يُرى؟, وهل العالم من حولك يبعث لك برسائل سلبية عن نفسك وذاتك وتصرفاتك؟! .. هل عقلك الباطن ونفسك اللوامة تعمل كل ليلة في تساؤلات وجودية مميتة عن معنى كل كلمة قيلت لك، ويا تري ما المغذي منها؟، الجميع يبعث لك برسائل غير مباشرة تقول لك يوميًا:”أنت فاشل لن تستطيع النجاح بأي شيء، أنتِ أم فاشلة لا تُجيدين تربية أطفالك، أنتِ ابنة فاشلة لا تُجيدين التحدث مع أمك، كل سلوكياتك غير مقبولة، كل أفعالك تقابل بالرفض والإهانة، بداخلك كم كبير من المشاعر والعالم الخارجي كله يناقض هذه المشاعر، فأنت غير مقبول ولا محبوب ولن يتقبل العالم حتي ولو قمت بمحاولات لتعديل نفسك، فأنت صعب المزاج وصعب الإدارة وصعب القيادة وصعب التوجيه، عنيف بالحد الذي يجعل من حولك يفقد فيك الأمل فلا هناك طريقة لتقويمك وتربيتك، يأس منك المقربون, والجميع يراِ مُظلم ظلام دامس فيبتعدون عنك خوفًا من أن تصيبهم بظلام روحك ووحشة وسواد قلبك علي حد تعبيرهم.

سأمت من سماع هذه الرسائل كل يوم وكل لحظة كأنها تنخر بداخل جدار قلبك، أعلم مقدار الآلام الذي تشعر به وخاصة أنها رسائل ذات نوايا طيبة غرضها في الأصل إصلاحك وتقويمك وجعلك كائن بشري أفضل، ولكن هل يا ترى بهذه الطريقة تجدي نفعا؟، أم أنها تهدم ما تبقي منك وتقتل بداخلك أي أمل في التغير، فلا يوجد هناك أمل ما دمت بنظر الدنيا بهذا السوء والسواد، فما الداعي من التغير إذا؟! فقسوتك وعنفك ورفضك للتغير لن يتغيروا حتي وإن حاولت فقد حاولت مرارًا وتكرارًا ولم يجدي الأمر نفعًا بل كل مرة يؤكدون لك أنك لن تنجح وستفشل مهما حاولت.

تتسائل كل ليلة قبل أن تنام هل حقًا لم يروا بداخلك أي خير أو نقطة نور واحدة؟! هل حقًا أُظلم ما بداخلك وصرت كائن سئ ومظلم هكذا حد الخوف كما يقولون؟!، وهل حقًا سببت كل هذا الضرر بالبشرية؟!، حقيقي لا أعلم ماذا أقول لك؟، ولكنى أعلم أنك فقدت القدرة على التعبير عما تشعر به، وفقدت الأمل في أن تصبح شخصًا أفضل بعيونهم، وكل ما تتمناه هو الرحيل بعيدًا عنهم وأنك تُفضل الوحدة على هذا العالم الرافض لك دائمًا، أو أن تصمت لوقت طويل أو أن تفقد القدرة على الكلام إن كان هذا حقًا ما يريحهم.

لكن أقول لك بصدق، فقط يكفيك سلامك الداخلي بنظافة روحك وبياض نواياك حتى ولو رآها العالم كله سواد قاتم معتم، فأنت بداخلك مازال هناك نور يمكنه الخروج وإضاءة الدنيا بأسرها, أنت النور بهذا الظلام فلا تلتفت لما يُقال لك.

المفاجأة يا صديقي أنك لست المظلم هنا بل هم، أجل هم المظلمون بعتمة هذا الكون بعتمة الأمراض النفسية التي باتت تقتل بداخلهم أي بصيص لنور أو أمل، فلا تحزن يا رفيقي هم يروك بهذا السواد؛ لأن السواد بداخل نفوسهم أظلم أعينهم فصار السواد مرمى بصرهم لا يرون إلا هو، فالعيب فيهم يا صديقي ليس فيك، فأرجو ألا تحزن وتكتئب من كم هذه الرسائل الموجهة إليك وتعامل معها أنها لم تُقال لك من الأساس، وحافظ على بصيص النور بداخلك حتى وإن احترقت يداك وأنت تدافع عنه حتى لا ينطفئ، فقط حافظ على نورك ولا تنطفئ يومًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق