مقالات
أخر الموضوعات

العدل

بقلم: علياء ياسر

هل تساءلت يومًا مِن أين يأتي السلام وكيف ينتشر؟، السلامُ يولد حينَ يكون العدلُ حيًا في المجتمعِ، والفردِ، والحق بمعنى العدل أي إعطاء كل ذي حقٍ حقهُ من دون زيادة أو نقصان، وله أقسام كثيرة، وآثارٌ عظيمة على الفردِ والمجتمعِ إن سادهُ العدلُ، وأهميتهُ كبيرةٌ خاصةً أنَّ الله عز وجل في كتابهِ الكريم ذكره في مواضع كثيرة، وأمرنا بِهِ قائلًا:”إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”.

لقد أكد الإسلامُ على العدلِ كثيرًا، فهو ميزانُ الله تعالى في الأرض، وهو أيضًا مِن القيم الإنسانية التي جاء بها الإسلام، ومن مقوماتِ الحياة سواءً كانت فردية أم أسرية، أم اجتماعية، أم سياسية، فقد كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يحكم بين الناسِ بالعدلِ، وطبقَ أصحابهُ سنتهُ، “فعمر بن الخطاب” أقوى مثل يحتذى بهِ، فقد وصفه النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- فقال عنه: “إنَّ اللهَ جعَل الحقَّ على لسانِ عُمَرَ وقلبِه”، وقد تمثل عدلهُ في معاملاتهِ مع رعيته، فقد كان يقيم الحدود، والعقوبات على مستحقيها مهما بلغت منزلتهم، فلا يفرق بين أحدٍ حتى لو كان أقرب الأقربين له، ويسألُ الناس، ويرى إذا كان أحدهم قد ظلمه أحد الأمراء أو الولاة، فلم يسمح للظلِم أن ينتصر أبدًا.

العدلُ له أقسامٌ كثيرة تتمثلُ أولًا في العدلِ الفردي، وهو أن يعدل الإنسان بينَ نفسهِ، وأن لا يظلِمها، فيهتمُ بصحتهِ، ولا يُهملُها، ولا يضيعُ وقتهُ في أشياءٍ لن تعودَ عليه بأي فائدة، وأن يقدِّرها، وأن يفعل ما أمرهُ الله به، ويتجنب ما نهاه عنه، وأن يستخدم جوراحهُ في كُلِّ ما هو حِلٌّ، وأن يُصادق الصديق الحسن الذي يشدُّ على يديهِ إن ضاقت عليه الأرض بما رَحُبت، ثانيًا العدلُ الجماعي يتمثلُ في الأسرةِ في أن لا يميز الأب، والأمُ أولادهم عن بعضٍ، فلا يفرقان هذا عن هذا، ويتمثلُ أيضًا في المحكمةِ خاصةً القاضي الذي يجبُ عليه أن يحكم بالحقِ، والعدلِ على المُتهم حتى لو كان أحدَ أقاربه أو ألدَ أعدائه، وأن يراعي المُحامي الله في عمَلِهِ، ويدافع عن الحقِ لا الظلم، ولا يقولُ الزورَ حتى لو أُغرى بمليارِ دولارٍ، والعدل الجماعي يتمثلُ أيضًا في المدرسةِ، وخصوصًا المعلم حيثُ أنَّهُ يجب عليه أن يعطي كل طالبٍ حقهُ، وأن لا يظلمهُ مثقال حبةٍ من خردل، وعلى أيِّ مدير أن يقسم العمل بين موظفيهِ بالعدلِ، فلا يخفف عن موظفٍ، ويترك آخر، وآخيرًا على رئيسِ الدولةِ أن يراعي كل مواطنٍ، ولا يظلمهُ، وأن يَمنحهُ حقهُ بالكاملِ، وأن لا يميز بين مواطنٍ، وآخر، ويتقي الله فيهم.

إذا انتشرَ العدلُ بينَ الناسِ، وأُعطى كل إنسانٍ حقهُ ترتبَ على ذلك آثارًا عظيمة على الفردِ، والمجتمع، فالفردُ سيشعرُ باطمئنانٍ، وأمان، وسيزيدُ إنتاجُ الفردِ، ويحبُ عملهُ أكثر، ويحرصُ على إتقانهِ، وإتمامهِ على أكملِ وجهٍ، ويبدع؛ لأنَّ تطبيق العدل يجعله أكثر التزامًا، وحرصًا على أداءِ واجباتِهِ بإتقانٍ، وسيعلمُ حينها أنَّ لنفسهِ حقًا، وللآخرين أيضًا، أمَّا بالنسبةِ للمجتمع، فستنتشرُ المساواة، والرحمة بين أفراد المجتمع مُصبحينَ مُتحدين، ومتآزرين، وانتهاء الظُلمِ، وموت النزاعاتِ، والخلافات، فيعم السلام.

وفي الختامِ على الفردِ أن يكون عادلًا مع نفسهِ، ومع رعيتهِ، وينصر المظلوم، ويقف في وجهِ كل ظالمٍ، وأن يعي جيدًا أهمية العدل، وأن لا يتعدى على حقِ أي شخص، ويلتزم بتعاليم الدين الإسلامي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق