“مرحب شهر الصوم مرحب”.. كيف تستغل الناس شهر رمضان؟
المواطنون: كورونا لن تؤثر على أجواء رمضان هذا العام.. ومتخصصون: ننصح بعدم وضع "شماعة العصبية" على الصيام
تحقيق: أحمد الدخاخنى
يقترب منا شهر رمضان المبارك أفضل شهور السنة عند الله -سبحانه وتعالى- والذي جعل الله فيه الأجور تتضاعف وأنزل فيه كتابه العزيز وهو القرآن الكريم، للك يستقبل المسلمون هذا الشهر بقلب مسرور ويستعدوا له للقيام بالأعمال الصالحة والسعي نحو إشباع الروح والتعرض للنفحات والإسراع إلى مغفرة من الله، لذلك التقينا ببعض من المصريين ليحكوا لنا عن استعدادهم لهذا الشهر الكريم وعاداتهم الرمضانية, وماذا يمثل بالنسبة لهم، ومدى تأثير فيروس “كورونا” على أجواء الشهر هذا العام مقارنة بالعام الماضي، كما التقينا أيضاً باستشاري الصحة النفسية وعالم أزهري ليخبرنا عن كيفية الاستعداد لشهر رمضان نفسياً ودينياً.
في البداية تقول “جهاد عبده”, البالغة من العمر 29 عاماً: “أن شهر رمضان هو الشهر الذي تعيد فيه حساباتنا من الناحية الدنيوية والدينية، حيث نعيد النظر في علاقاتنا مع ربنا وهل أهدافنا ترضيه أم تغضبه؟، كما أن هذا الشهر بمثابة فرصة للخروج منه بأعمال صالحة وبلا ذنوب, بالإضافة إلى أنه أكثر وقت للارتباط بالعائلة كلها ويعتبر بمثابة “المعسكر” لإعادة النظر في حياتنا كلها”.
وتضيف “جهاد” قائلة: “إن الكثير من الناس فهمت الشهر بشكل خاطئ، فهناك من يرى أنه شهر “الأكل والعزومات”، والآخر يرى أنه شهر عبادة فقط والله -سبحانه وتعالى-, لكن هذا الشهر جاء للتقرب من الله بالعبادة والعمل معاً؛ لأنه ليس من السهل العمل أثناء الصيام كما أن بالوعي يستطيع الصائم تغيير أسلوب حياته للأفضل، بجانب أن هذا الشهر هو فرصة للحفاظ على صحتنا لأن الصيام يساعد على التخلص من أي سمنة أو أمراض أخرى بالجسم”.
أما “أحمد علاء”, البالغ من العمر 33 عاماً، فيقول: “إن شهر رمضان هو شهر الراحة النفسية و الألفة والتجمع بين أفراد الأسرة على الإفطار؛ لأن أي وقت آخر خلال العام هو وقت الانشغال بالعمل لكن في رمضان توجد البركة في الوقت”.
وعن الذكريات, فيقول “أحمد”: “عندما كنت صغيراً كنت أنا وأصدقائى نقوم بجمع المال من أجل شراء زينات رمضان وتعليقها، وكنا نلعب بالكرة في الشارع أو المدرسة قبل ميعاد الإفطار بساعة أو ساعتين، ورغم أنه لا توجد عادات معينة إلا أن حياتنا تتغير خلال هذا الشهر من حيث تنظيم الطعام والعبادات والواجبات التي نقوم بها, وعلى الرغم من وجود جائحة كورونا إلا أنه لم يؤثر على أجواء رمضان هذا العام مثلما حدث في العام الماضي، خاصة أن المساجد قد فُتحت لأداء الصلوات وسيسمح بأداء صلاة التراويح”.
وعن “هبة الله رمضان”, مديرة القبول والتسجيل بجامعة الأهرام الكندية, تقول: “يعتبر رمضان هو العيد بالنسبة لى حيث أقوم فيه بشراء ملابس جديدة المخصصة للشهر الكريم كزي الصلاة بجانب مصحف جديد وسبحة، كما أحاول الالتزام بصلاة التراويح بالمسجد، لكن الكورونا أثرت على ذلك ولم توجد أي تجمعات بين الأسرة والأصدقاء أو خروج إلا للضرورة فقط ورغم ذلك سأقوم بأداء صلاة التراويح بالمنزل”.
من جهة أخرى تحكي “عايدة فاضل”, ربة منزل, قائلة: “رمضان يذكرني بأيام الطفولة حين كنا نخرج بعد الإفطار حاملين الفوانيس الزجاجية وبها الشمع وكنا نغنى “وحوي يا وحوي” وإذا تعبنا نتلمس طريقنا إلى البيت ونفتح التلفاز على فوازير رمضان وكنا نقوم بحلها مع الأسرة ونأكل القطايف أو الكنافة ثم نخلد إلى النوم إلى أن يأتي المسحراتي وسرعان ما نتوضأ ونصلي القيام و نقرأ القرآن حتى يتم إعداد السحور”.
وعن الفرق بين رمضان في الحاضر والماضي, فتقول “عايدة”: “إن أيام رمضان في الماضي كانت جميلة، أما الآن فالتليفزيون لا يترك مساحة للبشر لصلاة التراويح؛ لأنه استحوذ على عقول كثير من الصائمين فبدلاً من استغلال رمضان لإصلاح حياتهم أصبح التلفاز يجعلهم يخرجوا من رمضان مثقلين بالذنوب لكن هناك أيضاً منهم الذين يحافظون على صيامهم وصلاتهم ويخرجون من رمضان مغفورين”.
وعن توقعاتها بتأثير الكورونا على رمضان هذا العام, أشارت: “إن الناس الآن في الأسواق والمولات والشوارع وهناك من يلبس الكمامة وهناك من لا يلبسها، وكورونا لن تمنع الناس من التجمع إلا أنهم يتبعون قول الله “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”.
في صدد الاستعداد النفسي لرمضان يقول الدكتور “محمد هاني”, استشاري الصحة النفسية, إن شهر رمضان فرصة لترتيب الحالة النفسية لأي إنسان واستغلال الروحانيات الموجودة في هذا الشهر، وذلك من خلال اتخاذ القرار بالتخلص من كل السلبيات والأخطاء التي كانت موجودة في حياة الإنسان وفتح صفحة جديدة مع الله -سبحانه وتعالى-، وإذا كان الإنسان يملك النية الحقيقية في تغيير نفسه والتخلص من السلبيات بداخله فإنه لديه فرصة لاستغلال شهر المغفرة في هذا القرار ويدعو الله العون فإن الله سيعينه على ذلك ويعطيه القوة، بجانب يجب الفصل عن كل المشكلات النفسية التي تزعج الإنسان والإندماج مع الروحانيات الرمضانية والالتزام بالصلوات والصدقات والتقرب من الناس البعيدين بجانب تنظيم الطعام؛ لأنهم عوامل مهمة تساعد على تحسين الحالة النفسية.
وينصح استشاري الصحة النفسية, بعدم وضع “شماعة العصبية” على الصيام، فمن الممكن العمل في الأيام العادية ساعات طوال بدون طعام أو شراب دون أن نشعر، وإن الصيام يغسل الذنوب ويساعدنا على التقرب من الله والتجنب من الإساءة “العفو عند المقدرة” وهكذا يفوز الإنسان بنفسه.
وعن نصائح لاستقبال شهر رمضان من الناحية الدينية، يقول “أشرف عبد الجواد”, من علماء وزارة الأوقاف, إنه لا بد من التوبة الصادقة فإنها تمحو ما كان قبلها من الذنوب، كما لا بد من محاسبة النفس على أي تقصير من العبادات في رمضان الماضي، والإخلاص وعقد النية على صيام الشهر، كذلك البدء في الاستعداد لرمضان بالسعي نحو آداء العبادات من صيام وصلاة وذكر وتسبيح واستغفار وقراءة القرآن الكريم وقيام الليل حتى إذا أقبل رمضان سهلت عليه العبادات، بجانب صلة الأرحام وبر الوالدين والتسامح عموماً، مسترشداً بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- “تُفتح أبواب الجنة كل اثنين وخميس فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا”.