حوارات
أخر الموضوعات

الشباب يسأل عن أمور في دينهم و دنياهم..والشيخ يجيب: “اغتتم خمساً قبل خمس”

الشيخ "أشرف عبد الجواد": الإنسان ما بين ثلاث، مخيرفقط أو مسير فقط، أو مخير ومسير معاً

حوار: أحمد الدخاخني

يفكر الكثير من الناس وخاصةً الشباب عن أسئلة تخص الدين والدنيا سواء عمّا هو حلال وما هو حرام دينياً، وكذلك يحكمهم الفضول في كيفية التزامهم بالصلاة في وقتها وكيفية تعويض الصلوات التي تُركت، وسؤال عن الحكمة في أن البعض يأخذون ما لا يستحقون والعكس صحيح في هذه الحياة، وهل الإنسان مخير أم مسير؟، و غيرها من الأسئلة التي يطرحها هذا الجيل في أذهانه، كل هذه الأسئلة و أكثر سيجاوب عليهم الشيخ “أشرف عبد الجواد” من علماء وزارة الأوقاف، في حوار خاص مع موقع “لايف ويب” في سبيل توصيل الفهم الصحيح للشباب فيما يخص بأمور دينهم ودنياهم.

  • في البداية.. ما رأيك في أسلوب حياة الشباب في الوقت الحالي؟

اهتم الإسلام بالشباب اهتماماً كبيراً، وذلك من قبل خروجهم للحياة عن طريق حسن اختيار الزوجين، فلا بد أن يكون الاختيار على أساس الدين، ففي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:”إذا جاءكم من ترضون دينه وخُلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد كبير”، وفي اختيار الزوجة تُنكح المرأة لأربع:”لمالها، وجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”، ومن هنا وجب على الأبوين تربية الأولاد على أساس ديني؛ حتى يتحقق فيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- :”إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث من بينهم ولد صالح يدعو له”، فكيف يكون الولد صالحاً؟، ومن أين يأتيه الصلاح وهو بعيد عن منهج الله وسنُة رسوله؟.

حتى لا نعمم فشبابنا للأسف بعيد عن أخلاقيات الإسلام وسلوكيات وآداب الإسلام، وقد حث الإسلام الشباب على التكوين والانتماء للدين، فمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله شاب نشأ في عبادة الله، وقد اهتم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشباب كثيرا, وهناك نماذج من الشباب الصالح قديما مثل” علي بن أبي طالب”، وهو أول من أسلم من الشباب وينام في فراش النبي أثناء الهجرة وهو يعلم أنه يعرض حياته للخطر، وأيضاً السيدة”أسماء بنت أبي بكر” ذات النطاقين كانت تذهب بالطعام و الشراب للنبي وصاحبه أبوها في الغار مختبئين، ومن هنا وجب على الشباب التمسك بكتاب الله وسنُة رسوله -صلى الله عليه وسلم- لأن فيهما النجاة في الدنيا والآخرة.

  • نرى بعض الشباب يفعلون بعض المحرمات مثل العادة السرية، فما الحكم الديني في ذلك؟

بالنسبة لمن يفعل المحرمات أقول له باب التوبة مفتوح، والتوبة منها بالاستغفار والندم على فعل المحرمات و الصلاة ركعتين بنية التوبة و أن يعاهد الله على عدم الرجوع إليها، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال:”إن الله-عز وجل- يقبل توبة العبد مالم يغرغر”, والعادة السرية في الأصل حرام لقول الله تعالى:”و الذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون”، واستدل بالإمام”الشافعي” رحمه الله ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية”والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم”، قال:”فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين”، ولكن أخذاً بالأيسر ونزولاً على قاعدة ارتكاب أخفض الضررين لمن تاقت نفسه وأحس وتعرض للوقوع في جريمة الزنا فله أن يستمنى حتى لا يقع في الزنا، ووجب على الشباب أن يصرف نفسه ووذهنه وأن يشغل نفسه، كما قال”الحسن البصري”-رحمه الله- :” نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل”، فلا يعرض نفسه لما يثير شهوته من مشاهدة أفلام إباحية أو أن يتراسل في الأحاديث مع البنات إلى غير ذلك؛ مما يعرضه للإثارة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، فليتق الله شبابنا وليعلم أن الله يراه ناظر إليه و مطلع عليه و يعلم بالنيات.

  • ما هي الأمور التي لا تُقبل فيها التوبة؟

لا يوجد شيء لا تُقبل فيه التوبة حتى الكفر والشرك، فقد قال تعالى:”إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً”، فظاهر الآية الكريمة أن الذنب الوحيد الذي لا يُقبل منه التوبة الشرك بالله وأن تنكر وجود الله أو أن تجعل لله نداً وهو خلقك كما في الحديث سئُل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- :”أي الذنب عند الله أكبر؟، قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم أي ؟، فالمشرك إذا أعلن شركه أو كفره، ينظر في أمره أي تعرض عليه التوبة فإن تاب قبلت توبته، وهناك بعض النماذج لكبائر الذنوب تاب منها أصحابها وقبلت توبتهم، مثل الرجل الذي قتل 100 نفساً، و قصة المرأة التي زنت ورجُمت والتي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم:” لقد تابت توبةً لو قُسمت بين أهل المدينة لوسعتهم”، ففيهما قتل وزنا وهما من أعظم الذنوب ورغم ذلك قبل الله توبتهما حين تابوا إليه.

  • ما حكم سماع الأغاني سواء بقصد أو بدون قصد ؟

الغناء والموسيقى منهما ما هو حلال وما هو حرام، فالأغاني الدينية والتي تشمل الابتهال لله والثناء عليه ومدح رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فهذا مباح لا شك فيه، وكذلك الأغاني الوطنية والمناسبات القومية و الأعياد والأفراح، دليل ذلك روى”أحمد” عن”عائشة” قالت:” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ-يعني يوم أن لعب الحبشة في المسجد- لتعلم يهود أن في ديننا فسحة إني أُرسلت بحنيفية سمحة”، وروى”البخاري” عن”عائشة” رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال النبي:”يا عائشة، ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يحبون اللهو”، ومن هنا يعلم أنه كما ذكرنا الأغاني الدينية والوطنية و المناسبات كالأعياد والأفراح يجوز فيها الغناء، والغناء عموماً يجب أن يراعى فيه عدم الاختلاط كما يحدث في حفلات من الفجور والخمور و المخدرات والمحظورات، وألا تحتوي كلمات الأغاني على الفسق ولا تحرض على المعاصي كما في أغاني المهرجانات  من دعوة لشرب الخمور والمخدرات ودعاوي للقتل والتحريض على العنف، علاوة على ما فيها من كلام قبيح به إيحاءات جنسية ، ولا شك أن الإنسان يحتاج من وقت لآخر للترويح عن نفسه وهذا لا مانع من أغاني محترمة.

  • بالنسبة للصلاة، هناك بعض الشباب لا ينتظمون في الصلاة، فكيف ينتظمون فيها؟

الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام وفرض من فرائضه المهمة، لقوله تعالى:”إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً” أي مفروضاً، فوجب الحفاظ عليها وعدم التغافل أو التكاسل وعليه أن يجاهد نفسه وأن لا يدع نفسه فريسة للهوى والشيطان، ويقول الشاعر”البوصيري” في شعره قائلاً:”والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع … وإن تفطمه ينفطم”، وقد جعل الله تعالى مخالفة النفس ومجاهداتها بترك هواها سبباً في دخول الجنة، لقوله تعالى:”وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى”، و ان كان هناك بعض الصلوات لم يؤديها فعليه بالتعويض عن طريق بأن يصلى الشاب مع كل فرض فرض مما فاته، وليكثر من الصدقات والطاعات والنفحات والقربات، عسى الله أن يتجاوز عنه.

  •  بعض الشباب يرون بأنهم يجتهدون ولا يأخذون ما يستحقون، في حين أن غيرهم ينالون ما لا يستحقون وأكثر، فما تعليقك؟

أمرنا الله تبارك وتعالى بالسعي في الأرزاق والضرب في الأرض كما قال سبحانه:”هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها”، فوجب على الشاب المسلم الاجتهاد في طلب الرزق الحلال ولا ييأس وليعلم قول الله سبحانه:”إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنٌا لا نضيع أجر من أحسن عملا”، ليعلم أيضاً أن المبادئ لا تتجزأ، فليس معنى ضيق الرزق أن يحاول بشتى الطرق أن يكتسبه وليس دليل الغنى محبة الله له وغضبه على الفقير، فقد يكون ضيق الرزق لحكمة يعلمها الله، وفي تفسير”ابن كثير” لقول الله تعالى:”ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزٌل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير” أي يرزقهم من الرزق ما يختاره مما فيه صلاحهم، وهو أعلم بذلك، لذلك لابد أن يحذر الإنسان من أكل الحرام و لا يترك السعي مهما كانت المغريات، لعل ذلك اختبار من الله.

  • أحياناً يسأل بعض الشباب متى يكون الإنسان مسيراً ومتى يكون مخيراً؟

الإنسان مخير ومسير في نفس الوقت، و من المعروف أنه مسير عند مرضه الذي يصيبه، وعند الأحداث التي يستقبلها وعلى أساسها يفرح أو يحزن، والموعد والمكان الذي يموت فيه، وكيف تكون نهاية حياته؟ وغيرها، كل هذا لا يستطيع الإنسان أن يتحكم فيه، هناك من الأمور التي يمكن أن يكون مخيراً فيها مثل: التمسك بالقناعات والآراء، حريته في الإيمان، أو الكفر، واختياراته الشخصية كنوع الطعام والشراب و الأماكن التي يذهب إليها وغيرها، وهناك أمور تجعل الإنسان مخير ومسير معاً، مثل: قراراته التي تحدد مصيره ويتخدها دون تفكير عميق، والزواج خير مثال على ذلك عند اختيار شريك الحياة، هذا يفسر تدخل الله في حياة الإنسان؛ ليدفعه نحو إتخاذ قرار معين مثل الزواج وهذا مانسميه بالقسمة والنصيب، لذلك الإنسان بين أمور ثلاث، مخيرفقط أو مسير فقط، أو مخير ومسير معاً.    

  • بما تنصح الشباب حتى يتمسك بالكتاب والسنة ولا يضعفوا أمام المحرمات ومفاتن الدنيا؟

نصيحتي للشباب بقول الله عز وجل”إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير”، وأدعوهم للتسمك بكتاب الله والعمل بسنُة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال:”اغتنم خمسة قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، فراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك”، وقال أيضاً في حديث”عمر بن الخطاب” رضي الله عنه:”تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله جل وعز، وسنُة نبيه”، و أنصح بعدم الانسياق وراء الدعوات الهدامة والمستجدات التي تستهدف الطعن في ثوابت الإسلام، كما أنصحهم باحترام الكبير سواء الوالدين أو غيرهم من الأقارب و جميع الناس، كما أنصحهم باحترام علماء الأمة المخلصين والمتمثلة في المؤسسات الدينية والوطنية والعالمية التي تجتهد في نشر الدين والدفاع عن ثوابته ومقدراته. 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق