مقالات
أخر الموضوعات

الحب

بقلم: أية سمير

هل شعرتم يومًا بتلك النقرة على اليسار؟، هل شعرتم بتلك النار التي تُوقد بداخل صدوركم حينما تذكر شخص معين؟، هل أحسستم بذلك الشعور  الذي  أفقدكم  توازنكم  الطبيعي؛ لتجدوا أرواحكم بين السماء والأرض.. إن لم تكونوا هكذا، فهذا المقال بالتأكيد ليس لكم.

تعجبت منذ أيام قليلة، حين فاجئتني صغيرتي  بسؤالها “ماما ما هو الحب؟”.. في الحقيقة لم أتردد في محاولة الإجابة عن هذا السؤال، ولا أعلم لماذا؟.. هل لشعوري بواجب الرد على طفلتي بكل منطق، أم لإن السؤال نفسه ربما طُرح عليّ في وقتٍ كنت في حاجة للبحث وتذكير نفسي لأهميته؟.

حين أجبت قلت لها:”عزيزتي، الحب هو الأمان، هو الاطمئنان، هو الأُنس بالآخر، أو بمعنى آخر هو الثقة بوجود شخص في حياتك يجعلكِ لا تترددي في أن تُغمضي عينكِ وأنتِ مطمئنة”.. انتهى حديثي معها لأجد نفسى بين دهاليب  عقلي، أبحث وأبحث وأبحث عن ماهية الحب؟، هذا المصطلح الصغير في اسمه، العميق في كينونته.

ربما يصادف البعض في حياته من يجعله يعيش هذا الشعور، والبعض الآخر لم تتسن له الفرصة كي يعرفه.. في الحالتين أنت لست صاحب القرار، إنه قرار القدر، وحده من يختار؛ لغاية وهدف ودرس ستفهمه في حياتك, فإننا لم نبحث طوال حياتنا عن الحب، ولا نعرف ما المميز في هذا الشعور الذي يهدر منّا سنوات عديدة للبحث؟، وإمّا نعثر عليه أو لا.

الحقيقة أعزائي، أنه منذ بدء الخليقة، منذ “آدم وحواء”، خلق الله الحب.. إذن نحن موجودون في هذه الدنيا من أجل الحب، نعم ومن أجله نُعمر ونتكاثر ونزرع ونبتكر ونثور ونعادي كل هذا وأكثر من أجل الحب, فالحب هو مزيج بين النعمة والنقمة، وإذا تطرقنا أكثر خلاله سنجد معظمنا قد وقع في شرك النقمة وتحوّل حبه إلى لعنة تلعن صاحبها وتدمر حياته.

خلال سنوات حياتي صادفتني العديد من قصص الحب التي أثرت فى شخصيتي كثيرًا، معظمها كانت قصصًا أسطورية والبعض كان لعنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى, فالطبيعي أن تكون علاقة الحب مليئة بالتفاهم والاحترام والسمو بالمشاعر ومحاولة الوصول للكمال وتستمر إلى النهاية وتصبح أسطورة، يتغنى بها العاشقون والساعون للحب والرومانسية.. كل هذا الجمال لا ننكره ولا ننقصه حقه وأهميته، ولكن حين تتحول هذه المشاعر إلى موجة حقد وكره… وغيره تأخذ العلاقة منعطفًا خطيرًا، يصبح سيف على رقبة المحب والمحبوب، وأتذكر كلام صديق عزيز حين سألته عن الحب وأخبرنى،”أنه ليس كل ما نشعر به هو الحب.. الحب هو ذلك الشعور المحمّل بالطاقة التي تحملك إلى سابع سماء، والحب الملوث بالحقد هو الطاقة المدمرة التي تودي بصاحبها إلى سابع أرض”.. هذا بالتحديد ما أقصده بنعمة الحب ونقمته.. أتمنى ممن يبحث عن الحب، ألا يتردد في التأني في اختياره، والتركيز في إحساسه طوال الوقت، كي لا يتحول الحب إلى لعنة تُدمر حياته ومستقبله.

لقد خُلقنا في هذه الدنيا على الحب، ونحيا بالحب، ونُحقق طموحنا ومستقبلنا بالحب, كل هذه الملذات لن نتحسسها إلا إذا استشعرنا مضمون المحبة في حياتنا، الله محبة، الدين محبة، الزواج محبة، الأطفال محبة، الأخلاق محبة، سمو العلاقات محبة، الطبيعة بكل ما فيها من نعم محبة، كل تطور فى حياتنا وأعمالنا محبة, حتى الموت المحتوم هو أيضًا محبة من الله -سبحانه وتعالى-.

لا تحزن يا عزيزي إن لم تصادف الحب في حياتك، إنني متيقنة بكامل يقيني أن الله الذي خلق الحب سيخلق لك في هذه الدنيا ما سيعوضك عن الحب، سيجعلك تسجد شكرًا من عظيم ما سيكافئك, واعلم أن هناك العديد من صور الكمال تستطيع أن تخلق فيها علاقة حب تكتمل بها دنياك، أخلاقك مع نفسك ومع الناس محبة، رقيك بأسلوبك وتعاملك مع الخلق محبة، رسالتك السامية في الدنيا محبة، برك بوالديك محبة، النطفة التي أوجدت أبنائك محبة، مودتك ورحمتك بشريك حياتك محبة، عطفك على كل ضعيف في الأرض محبة، هذا الجزء الرقيق على يسار كتفك الذي يبتسم ويحزن ويتألم من أبسط موقف هو أعظم محبة وهبها لك الله.

إنني أُخبرك الآن وفي هذه اللحظة التي تقرأ فيها كلامي هذا، وربما يكون رسالة موجهة إليك الآن:”أنك بكل ما أتاك الله من نعمه واكتمال خلقه، أنت المحبة تستطيع أن تكون الحب في كل موقف بحياتك، ارتق بأخلاقك واُسم  بأهدافك؛ ليكن لك أثر في هذه الحياة لتوجد الحب أينما كنت، وأينما ذهبت، وأينما خطت قدماك، وأينما استشعر الناس أنفاسك.. كن أنت الحب، كن المحبة على الأرض“.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق