منوعات
أخر الموضوعات

أنواع أدب الرعب ما بين الدين و الفلسفة و التاريخ

تقرير: إيمان أحمد

المحبين للقراءة دائما يسعوا إلي قراءة الروايات الجديدة و بالأخص التي تثير مشاعرهم و انفعالاتهم, و نوعية الروايات التي تحقق لهم ذلك هي الروايات الرومانسية و روايات الرعب, حيث تحتل روايات الأدب الرومانسي و أدب الرعب علي المركز الأول في بيع الكتب بنسبة تتراوح من 50% إلى 60 % .

و علي أدب الرعب فهذا النوع من الأدب يهدف إلى إثارة الخوف و القلق داخل وجدان القارىء, وبصورة عامة لا نعلم متى بدأ هذا النوع من الأدب ؟ , ولكن نرى بأن الإنسان قد إكتشفه منذ زمن بعيد جدا, بدليل القصص و الأساطير القديمة التى كانت تهدف إلى إثارة الخوف, ولم يتخذ هذا الأدب شكله الحالى إلا فى نهاية القرن الثامن عشر و بداية القرن التاسع عشر على يد كلا من : (آن رادكليف) التي كتبت قصة (mysteries of udolpho) , و(هوريس وبليس) صاحب رواية (the castle of orant ) وذلك فى العالم الغربى, بينما فى العالم العربى كانت بداية روايات الرعب على يد الكاتب (“حمد خالد توفيق” بسلسلة “ماوراء الطبيعة “, التى من بعدها ظهر العديد من كتاب أدب الرعب مثل: حسن الجندي, عمرو المنوفى, شيرين هنائى, تامر إبراهيم وغيرهم.

أما عن معني كلمة “رعب” فليس لها معني محدد و هذا ما ذكره الكاتب “حسن الجندى” في مقالاته, حيث وجدناه يعرف معنى كلمة رعب بأنها كلمة لها أكثر من معنى يرجع إلى وصف الشخص ذاته, بمعنى ان هناك شخص “مرعوب من الإمتحان”, أو “مرعوب من الزواج”, أو “مرعوب من والده”, أي أن الرعب في ذهن الإنسان الطبيعي هو حالة لحظية تتملكه عند التفكير في موقف سيمر به, أو عند مرور الموقف به, أو عند تذكره لموقف مر به، والمرور هنا لا يستوجب مرور الشخص نفسه, بل من الممكن أن يكون أحد أحباءه أو أقرباءه أو أحد أعداءه أو حتى شخص لا يعرفه.

فكلمة رعب هي كلمة مطاطة تتطور مع تطور الزمن فلا يمكنك في عام 1850 قبل الميلاد أن تخاف من كرسي الإعدام الكهربي، كذلك الهاتف المحمول والهاتف العادي حيث قديما لن تجد شخص طبيعي يخاف من قطعة من الحديد ألا و هي الهاتف حاليا، ولكن هناك أساسيات يخاف منها الإنسان بفطرته تشترك في جميع الثقافات والأزمنة منذ بدء الميلاد إلى نهاية الأرض, مثل الخوف من: “الدماء – الأموات – القبور – الدين – الجوع – الألم – الظلام”, وغيرها من أساسيات يشترك فيها الجميع, وهناك من البعض يربط كلمة رعب بالأشباح أو القبور أو العفاريت وما غيرها.

كما ظل تصنيف الرعب فترة كبيرة من الزمان تصنيفاً واهياً فتجد من يقول عنه أنه “فانتازيا”, وآخر يقول لك “خيال علمي”, وآخر “إثارة”, وآخر “غموض”, ويهمل الجميع تسمية الرعب لأن النقاد يعتبرونه نوعية أقل شأناً من التصنيفات الآخرى, ويصنفونه بأنه أساطير وخرافات, وبالتالي لا أحد يهتم به على الساحة الأدبية، فهنا يكون مفهوم كلمة الرعب واحدا ولكن التصنيف هو الإختلاف, حيث يخشى الجميع إطلاق لقب رعب على أي عمل, وفي حين آخر يطلقون كلمة رعب على بعض الأعمال العادية, فأصبح القاريء متخبط في تحديد نوعية أدب الرعب في مصر ليظهر قراء يكرهون هذا الرعب في مصر, بعدما اشتروا الكتاب “الفلاني”, وأخذوا مقلباً معتقدين أنه من أدب الرعب مثلما أشيع عنه, واكتشفوا أنه من أدب الرحلات أو أدب الحركة أو الجاسوسية أو الأدب الاجتماع ، وبالتالي أخذوا فكرة سيئة عن بقية الأدباء في الوطن العربي .

و الرعب يصنف إلى مجموعة من الأنواع, والأنواع تختلف عن مدارس الكتابة, فمن الممكن أن يكون نوع الرعب واحد, ولكن المدارس مختلفة في الكتابة  والأنواع تتصنف كما في الآتي:

  • رعب نفسي : هو المرتبط بنفس الشخص وخوفه من شىء ما, مثل الخوف من الظلام أو الوحدة أو الخوف من الدماء, والتحولات التى تحدث له, مثال: طالب يخاف من مادة الرياضيات , ومن معلمه الذى يقلل من شأنه فيشعر بالغضب و يصمم على قتله.
  • رعب ديني : سمي هذا المصطلح لنوعية خاصة من الكتابات إعتمدت على الرموز الدينية سواء في الإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو الزاردشتية أو البوذية، مثل: أسطوره أن مصاص الدماء يخاف من الصليب أو الماء المقد ، ومثل استخدام صفحات من التوراة لمواجهة وحش ما في الفكر الأورب ، والرموز الدينية تختلف من الشيخ إلى القس إلى الحاخام إلى القرآن إلى الانجيل إلى التوراة إلى الكثير والكثير من الرموز الدينية، وهذا النوع يخاف الجميع من الكتابة فيه.
  • الرعب التاريخي : أطلق هذا المصطلح على قصص الرعب التي تقوم على مبدأ تاريخي كقلعة حدثت بها مذبحة حقيقية أو مخطوط قديم يدور حوله جدال مرعب، كما انه قد يحمل جزء من الحقيقة أو الحقيقة الكاملة أو معلومات تاريخية موثقة  فهو رعب خادع تختلط فيه الحقائق بالخيال ويترك للقارئ التمتع بهذا الخليط.
  • الرعب الفلسفي : وهذا المصطلح ربما يكون غريب لإجتماع الرعب بالفلسفة , ولكن الخوف من شيء ما غريزة كغريزة البحث عن الحقيقة في الفلسفة، والفلسفة بدون تحيز أكثر الأنماط التي تمتلئ بالرعب من كثرة المواضيع التي تبحثها بأكثر من منظور, وبأكثر من طريقة في بعض الأحيان تفضي إلى نتائج مذهلة، فإكتشاف أصل الموت, وهل يمكن السيطرة عليه؟ , ويمكن للإنسان أن يعيش مدى الحياة، وهل هناك من استطاعوا فعل هذا؟ , يمكنك أن تسأل نفسك ألف سؤال وأنت تقرأ الرواية، وتخاف من المجهول ألف مرة, وتتوقع لها ألف رواية، ولكنك دائماً ما تصطدم بالحقيقة، وللقصص الفلسفية المغلفة بالرعب أمثلة قليلة جداً فهي منطقة بكر يخاف الكثيريين الخوض فيها.
  • الرعب العلمي : ويخلط البعض هنا بينه وبين الخيال العلمي فهناك خيط مشترك بين الاثنان فالخيال العلمي يستند لنظرية علمية بفرض صحتها ثم يبني عليها أحداثاُ خيالية وتدور الدراما في هذا النمط, أما الرعب العلمي فهو لا يعتمد على نتائج علمية من الفكرة العلمية التي يبدأ بها, ولكنه يترك الجزء العلمي ليغوص في الجزء الخاص بالخوف والرعب, فهناك روايات صدرت في العالم الغربي تتكلم عن خاطفي الأجساد والاستحواذ, ولو كان الاستحواذ من الفضاء فسيصنف رعب علمي, لأنه بدأ من فرضية علمية وهو السيطرة على الخلايا العصبية عن طريق مصدر من خارج الأر ، أما بقية الرواية والمواجهة لو تمت بشكل علمي فيصنف خيال علمي.
  • رعب القدرات : أيضاً تقع القدرات النفسية والمادية للإنسان بين منطقة الرعب والخيال العلمي, ولكنها أقرب للرعب, لأن تلك القدرات الجزء الأكبر منه لا يتبع نظرية علمية واحدة, فهناك مئات النظريات العلمية التي تحلل القدرة الواحدة, فالتحريك عن بعد لها الكثير من النظريات التي تقول أنها تخص الهالة المحيطة بالجسد أو العقل أو الصدمات أو التدريب والكثير والكثير, ويمكن تناولها بشكل أثرى في ذلك العالم، والأجمل في رعب القدرات أن المساحة مفتوحة فيه إلى حدود ضخمة ” مع التركيز على احترام القارئ “, فهناك التحريك عن بعد وقراءة الأفكار وتحريك النيران وإشعالها والقوة الجسدية وخروج الكهرباء من الجسد, وهناك قدرات يمكن اختراعها, ويمكن استخدامها في عمل درامي مغلف بالرعب، مع الحرص على أن تلك النوعية من الرعب يجب أن تكتب بشكل احترافي, لأن القارئ العربي لم يتعود على تقبل فكرة أن هناك أصحاب قدرات غريبة يعيشون بينهم سوى السحرة.
  • رعب العالم الآخر : تندرج تلك النوعية تحت المقابر والأموات والإستيقاظ من الموت والمقابر المفتوحة, وإن كانت تختلف الأفكار من شعب لآخر أو من دين لآخر, ففي المسيحية يستخدم التابوت للدفن, وفي الإسلام يتم الدفن في التراب, لذلك كان التناول مختلفاً، وتلك النوعية شائكة جداً بالنسبة لليهودية والمسيحية والإسلام، فالعالم الآخر الذي هو الموت له قدسية في الأديان السماوية وعليه اختلاف في الأديان الوضعية، وهذه هي المشكلة، فالتناسخ هي فكرة من دين وضعي تخالف الأديان، وإذا تناولها كاتب عربي سيظل يحمل انتقاداً دينياً حتى وإن كانت الشخصيات خيالية، ولذلك ظلت تلك النوعية صعبة التناول عند العرب لأن الخوض في مسألة العالم الآخر يعرض صاحبه للإتهام بالهرطقة أو الكفر.
  • رعب الروح : من المناطق الشائكة أيضاً , ولكن يسهل تناولها في بعض الأعمال, لأن هناك قدرات للروح بعد الوفاة, بإعتراف الديانات السماوية والوضعية, وتلك القدرات نعرف بعضها, ويظل البعض الآخر مغلق، وتشتمل القائمة على الأشباح والأرواح التي تسير هائمة أو تسكن المنازل والمباني، وإن اعتقد بعض الكتاب أن أسهل نوع في التناول أثناء كتابة قصة الرعب هو هذا النوع فهم واهمين, لأن مئات الكتاب استخدموا هذا النوع واستهلكوه, فأصبح على كاتب يكتب عن قصة تتعلق بالأرواح أن يكون دقيقاً ومجدداً ومتميزاً في نفس الوقت، ومن أمثلة الكتاب المصريين الذين تكلموا عن الأرواح د / أحمد خالد توفيق في قصص سلسلة “ما وراء الطبيعة”.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق