مقالات
أخر الموضوعات

القلق

بقلم: أحلام أحمد

القلق ..هو اضطرابات عقلية تتميز بالشعور بالخوف، وهو ظاهرة شائعة منذ قديم الزمان، وتزداد تدريجياً كلما تقدم العصر، وانتقلت من جيل لآخر إلى أن وصلت للأجيال الحالية، وأصبح القلق الزائد يسبب مشاكل بالغة بل أصبح مرض لدى بعض الأشخاص بسبب خوفهم الشديد، سواء خوفهم على أشخاص يحبونهم أو خوفهم من الغد المجهول والمستقبل الذي لا يعلمه سوى الله, فكلما ازداد القلق زاد الخوف من المستقبل، ولو أخذنا بنصيحة الدكتور “أوسلر” التي تقول “إن أفضل الطرق للاستعداد للغد هي أن نركز كل ذكائنا وحماسنا في إنهاء عمل اليوم على أحسن ما يكون هذا هو الطريق الوحيد الذي نستعد به للغد”, ولو طبقنا هذه النصيحة؛ لحللنا مشاكل عديدة.

لماذا لا نعيش في حدود اليوم لنستعد للغد؟, ولماذا لا نستغل أوقات الانتظار؟, وأوقات فراغنا في شيء أخر غير القلق؟ .. الصبر يكون في أشد المواقف انتظاراً، ويجب أن نستغل أوقات فراغنا في شيء مفيد مثل الذكر، والاستغفار, لأنه إذا تركنا أنفسنا للقلق حينها يبدأ يتسلل في أوقات فراغنا، وعلى العاقل أن يشغل وقت فراغه بأي شيء؛لكي لا يسيطر عليه القلق, ولإن من القوانين الأساسية التي اكتشفها علم النفس أنه من المستحيل لأي عقل بشري مهما يكن خارقاً أن ينشغل بأكثر من شيء في وقت واحد, فيقول “جيمس مرسل” أستاذ بكلية التربية بجامعة “كولومبيا” بقوله “إن القلق يكون أقرب إلى الاستحواذ عليك لا في أوقات عملك، وإنما في وقت فراغك من العمل، فالخيال في وقت الفراغ يجمع كل ما شاء له الجموح والقلق، ويقلب كل صنوف الاحتمالات، ويعيد ذكرى كل هفوة ارتكبها، في هذا الوقت يكون عقلك أشبه بسيارة تسير في الطريق بغير سائق، وبغير ركاب فهي تصطدم هنا وهناك، وتهدد بالانفجار، وتدمير نفسها في أي لحظة، وعلاج هذه الحالة أن ننشغل بالعمل”.

القلق يُولد الخوف، والخوف يُولد الفشل، والتراجع؛ لذلك حاول بقدر الإمكان السيطرة على القلق واعمل جاهداً للتقرب من الله بالقرآن والصلاة, فهناك خطأ شائع في مجتمعنا أنه لا يهتم بالجانب النفسي، وفى مخيلته أن المرض يكون جسدي فقط، ولكن الجانب النفسي أهم من الجانب الجسدي، والقلق يؤدي إلى أمراض نفسية, حيث يقول “أفلاطون” :”إن أكبر أخطاء الأطباء أنهم يحاولون علاج الجسد دون العقل في حين أن العقل والجسد وجهان لشيء واحد، فلا ينبغي أن يعالج أحد الوجهين على حدة”, والقلق أيضاً يؤدي إلى أمراض جسدية، فالقلق يسبب توتر الأعصاب، واحتداد المزاج، ويؤثر على أعصاب المعدة، ويحول العصارة الهاضمة إلى عصارة سامة تؤدي في كثير من الأحيان إلى قرحة المعدة.

ويقول الدكتور “وليم ماك كويتل”:”إن الانفعالات التي يسببها القلق والخوف والنزاع الدائم قد تصيب ميزان الكالسيوم في الجسم، باختلال ينشأ عنه ألم الأسنان وتلفها”, والقلق الزائد يجعل الشخص يظهر عليه علامات الشيخوخة المبكرة؛ فيجعل الوجه شاحب ذو تجاعيد، بل إنه يصيب شعر الرأس بالشيب، وقد يقع من منبته، ويتسبب في كثير من الأمراض الجلدية, ولكي تحطم عادة القلق قبل أن يحطمك، لا تسمح لنفسك بالثورة، وتذكر أن الحياة أقصر من أن تقصرها, وأقوى علاج للقلق هو الرضا بقضاء الله وقدره، وإن التسليم بالأمر الواقع لا غنى عنه في رحلة الحياة.

واجه مخاوفك تزول؛ لأن الخوف والقلق متلازمان، وعود نفسك على الصمود في مواجهة مخاوفك، ومشاكلك، ولا تحاول الهروب منها؛ لأن المشاكل والمخاوف كالسباق، وكلما حاولت الفوز فيه عن طريق الهروب؛ ستهزمك المخاوف لذلك واجه مخاوفك تزول، وثق في نفسك أكثر بكثير مما يثق فيك ممن حولك، ولا تكن أسيراً في سجن المخاوف والمشاكل، بل حرر نفسك وعقلك من هذا السجن، وبعد أن تتحرر أغلق باب هذا السجن وارمى بمفتاحه في مكان أكثر كلمة من ظلمة السجن الذي كنت فيه؛ لكي لا تراه وتعود إليه مرة أخرى.

وفى النهاية لا تكن أسير القلق والأشياء التي تحيط بك، بل اجعلها نقطة بداية، وكلما تعثرت الجأ إلى الله فإنه تعالى يقول في كتابه الحكيم “وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون”, وإن الظروف ليست هي التي تمنحنا السعادة أو تسلبنا إياها، وإنما كيفية استجابتنا لهذه الظروف هي التي تحدد مصيرنا .. نصيحة لا تجعل تقلبات الحياة تعكر صفو قلبك وعقلك بالقلق على أشياء فانية فإن صحتك أهم، وكن مع الله تهون عليك الحياة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق