هو وهي
أخر الموضوعات

“الناس لبعضها”.. منقذو الدفعة سبب نجاح زملائهم الطلاب، وأساتذة الجامعات: استراتيجية تعليمية متميزة, ولكنها تُحدث خلل في المنظومة التعليمية

تحقيق: أحمد الدخاخني

في كل دفعة من طلاب الجامعات يظهر منهم طالب يحب مساعدة زملائه الآخرين سواء عن طريق شرح المحاضرات، أو التطوع في تلخيص مناهج المواد المقررة عليهم أثناء فترة الامتحانات؛ فيعتبرونه زملاؤه على أنه”منقذ الدفعة”، لما يقوم به الطالب من تطوع دون أي مقابل في سبيل خدمة ونجاح زملائه، واستقبال أسئلة الامتحانات دون قلق أو رهبة حتى لو كلف الأمر للطالب عدم كفاية وقته في المذاكرة لنفسه، أو عدم الاستعداد الكافي للإمتحان، فهو بمثابة طوق النجاح لدفعته لذلك يصبح محبوب بينهم لما يقدمه من مساعدات تدل علي “الجدعنة”.

في البداية يحكي” سامح فريد”, الطالب في الفرقة الثالثة من كلية الآداب قسم إعلام بجامعة أسيوط, بأنه يحب مساعدة زملائه حتى لو على حساب نفسه، فإنه إذا لم يذاكر شئ فلن يكون هناك أي مشكلة, لأنه يقوم بحل الأسئلة بما يفهمه وما يتذكره من الشرح, موضحاً بأنه يتطوع بذلك لأنه يعلم أن هناك من الطلاب لا ترغب في مذاكرة الكم الضخم من المناهج التي توجد في الكتب؛ لأن هناك بعض الطلاب مثله تعمل ولا تجد الوقت الكافي للمذاكرة, ولذلك يقوم بتلخيص أهم النقاط من المنهج.

و يضيف “سامح” أنه لا فرق لديه إذا كان حصل طالب آخر على درجات أعلى منه، و إذا أراد الحصول على درجات عالية في الامتحانات فإنه سيحصل عليها، و لكن نظرًا لظروف عمله منذ الثانوية العامة فإنه لا يبالي بأن يحصل على تقديرات عالية، وإنما اهتمامه أكثر بتنمية مهارات الصحافة و الإذاعة و التليفزيون لديه, معبرا عن مدي سعادته عندما يستمع لردود أفعال زملائه الطلاب تجاه مساعدته لهم في تلخيص مناهج المواد، والتي ساعدتهم في المذاكرة بسهولة ويسر.

سامح فريد

أما عن” رضوى عبده”, المعيدة بكلية الآداب قسم إعلام بجامعة أسيوط, تقول بأنها كانت تتطوع و تساعد الآخرين في تلخيص المناهج والمحاضرات أثناء فترة الدراسة، و ذلك لأنها تعتبره شكل مصغر من أشكال صدقة العلم أو علم يُنتفع به، بجانب أنها لفتة إنسانية جميلة حين يتم تقديم المساعدة دون انتظار مقابل, موضحة بأنها حينما كانت تساعد زملائها و تقوم بشرح المحاضرات أو تلخيصها تجد نفسها أكثر قدرة على المذاكرة، وذكر المعلومة واسترجاعها بشكل كبير جدًا، مما أدى ذلك إلى تكوين صداقات كبيرة، وأصبحت محبوبة وسط زملائها حيث أنها وجدت دعم كبير من أساتذتها، وكانوا يشجعونها و يعتبرون هذا التطوع عمل عظيم و بسبب هذا التطوع كانت تجد تدبير في أمورها و تيسير في أشياء كثيرة من الله- سبحانه و تعالى-.

وأضافت ” رضوى” بأنها اكتشفت بعد ذلك أنها كانت تساعد زملائها في المقام الأول، و تساعد نفسها أيضا دون أن تشعر, من خلال تنمية مهارات التواصل والاستذكار و توصيل المهارة، وهذا الأمر لم يتحقق معها فقط بل بالتأكيد مع كل من يساعد زملائه”.

رضوي عبده

وعن ” أحمد عبد الفتاح”, الطالب في الفرقة الثانية بأكاديمية أخبار اليوم قال بأنه في بداية العام الدراسي حينما كان في الفرقة الأولى كان هناك من الطلاب لم تستطع كتابة أو تسجيل أو فهم المحاضرات بشكل أفضل، و كان هو يستطيع تسجيل مايقال في المحاضرات، ثم يقوم بتلخيصها ومن يحتاج فهم محاضرة فإنه يقوم بشرحها له، و مع قرب فترة الامتحانات يقوم بتسجيل المناهج والأسئلة المتوقعة وجودها في الإمتحان في ملزمة صغيرة أو على “pdf” للمراجعة، و في فترة الترم الثاني حينما كان المطلوب مشروع خاص بالنشاط البصري بالكلية مثل”مشروع لموقع يوتيوب” فكان يجيد العمل على برنامج المونتاج و التصميم فكان يساعد الطلاب على تنفيذ أفكار قد طرحوها له.

و يوضح ” أحمد” أنه لا يوجد دافع لذلك لأن هذا طبعه، حيث أنه لا يستطيع أن يجد من يطلب منه المساعدة فيتركه أو يرفض، و يحمد الله على أن وضعه في هذا المكان حيث أنه يستطيع أن يتطوع في مساعدة زملائه، كما أن شعوره تجاه ردود أفعال الطلاب كان إيجابيًا رغم أن بعض الطلاب منهم لم يحب هذا الأمر ومنهم من يستغله فيحاول تجنبهم، إلا أن هذا حقق له علاقات أفضل مع الآخرين.

أحمد عبد الفتاح

وفي هذا الصدد تقول الدكتورة” شيرين كدواني”, مدرس الإعلام الإلكتروني بجامعة أسيوط, بأنه عند التأمل في تلك الظاهرة بنظرة موضوعية فيمكن القول أن الأمر يشمل شقين: أحدهما إيجابي و الآخر سلبي, فبالنسبة للأمر الإيجابي فإنه يتمثل في مساعدة من لم تسعفه الظروف من الطلاب من متابعة المحاضرات، وذلك لأسباب خارجة عن إرادته و هو أمر محمود لأن الفطرة البشرية تحث على التعاون ومساعدة الآخرين، ولكن في الجانب الآخر ثمة شق سلبي لتلك الظاهرة، والذي يتمثل في شيوع الإتكالية بين الطلاب الغير جادين، واعتمادهم على الآخرين في القيام بالمهام التي يجب أن يقوموا بها بأنفسهم دون تحمل أي مسئولية تذكر، و هو أمر مذموم، خاصة أن الطلاب يلجأون إلى تلك الطريقة” كمنقذ أخير” قبل الامتحانات.

و توضح “كدواني” بأن هذه الظاهرة تعود جذورها لنظام التعليم ما قبل الجامعي النمطي القائم على الحفظ والتلقين و الدروس الخصوصية، و الذي يعود الطالب على الإتكالية؛ وبالتالي يفتقر لمهارات التفكير النقدي التي تشكل أساس التعليم الجامعي وعند التحاق هؤلاء الطلاب بالجامعة يواجهون صعوبات عدة، وذلك لاختلاف النظام التعليمي الجامعي عن ذلك الذي اعتادوا عليه في المدارس، حيث يجد الطالب نفسه مطالبًا بالبحث عن المعلومة بنفسه و تحليلها و تفسيرها، ومازاد الأمر تأزمًا هو التحول نحو نظام التعلم عن بُعد نتيجة تفشي جائحة كورونا؛ ليجد الطالب نفسه مطالبًا بالتأقلم على نظام تعليمي جديد لم يتعود عليه من قبل.

الدكتورة شيرين كدواني

و في سياق متصل قالت الدكتورة” داليا عثمان”,مدرس بقسم الإذاعة و التليفزيون بكلية الإعلام بجامعة القاهرة, إن اعتماد الطلاب على بعضهم البعض في إطار التعلم التعاوني استراتيجية تعليمية متميزة وتتفق مع مناهج التدريس العالمية، ولكن فكرة اعتماد بعض الطلاب على من يطلق عليه”الدحيح” أو الشخص المجتهد لسرقة مجهوده أو تعمد إهمال الدراسة طوال العام لضمان وجود ملخص وافي من هذا الزميل يخل بفكرة التعاون، ويتحول إلى استغلال ولامبالاة, موضحةً بأنه لابد من توعية الطلاب نحو إعطاء مجهوداته للغير سواء محاضرات أو ملخصات لا يعد مساعدة لغيره بل هو خلل في المنظومة التعليمية ككل, مشيرة إلي أن ظهور هذه الظواهر يرجع إلي ظهور فكرة الدروس الخصوصية، حيث أن ملخصات المناهج  و ما روج له عدد كبير من المدرسين والقائمين على العملية التعليمية من ملخصات مركزة للمناهج تغني الطالب عن المواظبة على متابعة الدروس و استخدام أكثر من مصدر.    

الدكتورة داليا عثمان

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق