كتبت: رندا ثروت
حياة مستقرة وأسرة صغيرة يعيشون سويًا ويهونون على بعضهم مشاعر الغربة، لكن فجأة تنقلب الأمور رأسًا على عقب، ويمرض رب الأسرة وتتدهور حالته؛ لتضطر الأسرة لمغادرة السعودية والعودة إلى مصر لتبدأ “ميرفت أبو الفضل التيجي” قصة كفاحها مع أبنائها الثلاثة.
“الكفاح بدأ منذ أن كان أبي على قيد الحياة”.. هذا ما قاله الطبيب “حسام صلاح” عن السيدة “ميرفت” حيث يروي لنا تجربة والدته، وكيف كانت سببًا في كل ما وصل إليه هو وأخوته, قائلًا: “نحن من مركز طهطا بمحافظة سوهاج، وانتقلنا للإقامة بالسعودية لظروف عمل والدي كمحاسب بإحدى الشركات هناك، وكانت حياتنا مستقرة حتى هاجم والدي المرض وخلال تلك الفترة كانت تُجرى له عدة عمليات وتدهورت صحته، ونصح الأطباء والدتي بالعودة إلى مصر؛ لأنهم يتوقعون وفاته في أي لحظة، وبالفعل عدنا إلى مصر وكانت والدتي تلك الفترة لا تبين لنا أي شيء وتُخفي حزنها لدرجة أنها كانت تبكي بمفردها وأمامنا تبدو قوية”.
مرض الأب استنفذ كل ما تملكه الأسرة من أموال اكتسبتها من السفر لتجد السيدة “ميرفت” نفسها مضطرة للعمل حتى تستطيع تلبية احتياجات أبنائها، وعن هذا روى “حسام” لنا ما فعلته والدته قائلا: “والدتي خريجة كلية الآداب قسم اللغة العربية اضطرت بعد وفاة والدي البحث عن فرصة عمل كمدرسة لكن سنها غير ملائم للالتحاق بوظيفة حكومية، فحاولت البحث عن عمل حكومي ولم تجد فرصة ثم بحثت عن فرصة للعمل بمدرسة خاصة ولكن كان المرتب ضئيل، فوافقت عليه لأنه كان هدف أمي إثبات ذاتها بغض النظر عن المرتب“.
كانت السيدة “ميرفت” تعطي الأولوية للتعليم فغرست في أبنائها حب العلم وحب الطموح للالتحاق بكليات جيدة وعن هذا قال حسام: “أهم شيء لديها التعليم، فرقم واحد في حياتها هو الالتحاق بكلية جيدة، وحين كنت بالمرحلة الثانوية وكان هدفي الالتحاق بكلية الطب وجدتها توفر لي كافة سبل الراحة وما أحتاجه، وبالفعل حصلت على مجموع مكنني من الالتحاق بكلية الطب، ولم أنس وقتها دموعها وإحساسها بأن تعبها معنا لم يذهب هباءًا، وعليّ أن أذكر أن بجانب اهتمامها بالعلم كانت تحرص على الجانب الديني لدينا فكانت حريصة على ذهابنا للمسجد لحفظ القرآن”.
ذكر “حسام” أن لديه أخين أيضًا التحقا بكلية الطب، لتصبح السيدة “ميرفت” بهذا أمًا لثلاثة أطباء, وبعدما مرت السنين تخرج “حسام” من كلية الطب بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف، ليقف أمام والدته بروب التخرج، فلطالما كانا ينتظران هذه اللحظة سويًا، وأهدى “حسام” والدته تخرجه وجعلها ترتدي روب وقبعة التخرج معتبرًا إياها الخريجة الحقيقية وبطلة حياته.
ويعبر “حسام” عن مشاعره تجاه والدته قائلا: “ولو ظليت أكتب وأحكي من الآن وحتي ينتهى عمري لن يكفي ولن أستطيع أن أصف ولو بجزء بسيط من الذي فعلته والدتي معنا، فهي الخريجة الحقيقية والبطل الحقيقي”.